الأحد، 20 مايو 2018
الخميس، 10 مايو 2018
الأربعاء، 9 مايو 2018
الثلاثاء، 8 مايو 2018
حديث الجمعة 9/3/2001م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) - المنامة
حديث الجمعة 9/3/2001م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) - المنامة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، أيها الأبناء والبنات أيها الأخوة والأخوات: قال تعالى (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب)). تحدثنا في الأسبوع الماضي عن العناصر المهمة التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار عند دراسة أولويات العمل الإصلاحي، وكان بودي هذا الأسبوع أن أتحدث عن الأولوية الأولي وهي البرنامج الإصلاحي وأهميته لأي جماعة تأخذ على عاتقها العمل الإصلاحي. ولكن وبسبب قدوم العالم الجليل الأخ المجاهد سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم حفظه الله فقد ارتأيت أن أتحدث في موضوع له علاقة بهذه المناسبة العزيزة علينا. وفي الحقيقة، وفي الأساس كان هدفي أن أسلم المسجد لسماحته ونأتم جميعاً به إلا أنه حفظه الله أصر عليّ أن أواصل في هذه المهمة لهذا الأسبوع والأسبوع القادم على الأقل. أيها الأخوة والأخوات أيها الأبناء والبنات: نعيش اليوم في ضوء هذه الآية المباركة فنستفيد منها دروساً عملية تعود علينا بالنفع والبركة. لا شك أن هذه الآية والآيات الأخرى التي تحدث في هذا السياق هدفها إبراز وإظهار مكانة العلم في قبال الجهل، ومكانة العالم في قبال الجاهل. فالعلم رأس الخير كله والجهل رأس الشر كله، ولقد جعل الله سبحانه وتعالى العلم أعلى وأرفع ، وبدأ قرآنه به حين قال جل وعلا: (( إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم)). فهذه دعوة أزلية باقية على مدى الدهور والعصور للعلم والاهتمام به لأنه الطريق الأول لمعرفة الله تعالى، وهو الطريق أيضاً لإسعاد البشرية وهدايتهم، ولذلك جاءت الأحاديث لتتحدث عن الدور المشترك بين الأنبياء والعلماء، فجعلت العلماء ورثة الأنبياء، وكأنبياء بني اسرائيل وأركان الدين بهم يُهتدى وبهم إذا كانوا علماء سوء والعياذ بالله يضلُ الناس الطريق والعياذ بالله. وعلى هذا الأساس فإن هذه المكانة الخطيرة والصعبة لا يُوفق إليها إلا القليل القليل ممن عمل جاهداً في تحصيل العلم ومن جهة أخرى عمل جاهدا في تطبيقه ودعوة الناس للخير بعيداً عن الرياء والأغراض والمصالح الشخصية. وقد جاء في الحديث ((العلماء ثلاثة: رجلٌ عاش به الناس وعاش بعلمه، ورجلٌ عاش به الناس وأهلك نفسه، ورجلٌ عاش بعلمه ولم يعش به أحدٌ غيره)). نعم فمنهم من يعمل في الرخاء طلباً للعافية وتحصيل المركز الاجتماعي لا يقدم للناس حاجة إلا إذا كان له منها نصيب ويختفي ويغيب عن الأنظار إذا اشتدت الأمور وصار عليه أن يكون له موقفٌ أمام الأحداث. ومنهم من لا يعمل إلا في المواسم والمناسبات ربما طلباً للتقديس والتعظيم والوجاهة. ومنهم من يعمل ولا شك ليل نهار في الشدة والرخاء في الداخل والخارج رضي الناس عنهم أم غضبوا التفوا حوله أم لم يلتفوا نذر نفسه لله تعالى فأجره على الله لا على غيره. ومن هنا فالعلم مقرونٌ بالعمل، فمن علِم عمِل ومن عمِل علِم. لا يصح الفصل أبداً، لا يمكن أن نقول ذلك عالم كبير ومجتهد عظيم وفي ساحة العمل ليس له صوت ولا حركة، وذلك عالمٌ من ورق مثل الكتاب، مصباحٌ لكنه لا يضيء للناس الطريق فتنتهي صفة العلم منه ويبقى فقط العنوان. وعامل بلا علم سكوته أفضل من كلامه وغيابه أفضل من حضوره. ومن هنا يأتي دور الأمة في تمييز العلماء، التمييز بين العالم العامل والعامل الغائب، فالأمة هي المسئولة في صناعة وتقديم العلماء الأفاضل. فإذا كانت الأمة جاهلة ساذجة فلاشك سيكون علماؤها علماء سوءٍ أو علماء مصالح، اختارتهم على أساس العناوين والمسمّيات. أما إذا كانت الأمة واعية فلا شك وعيها يعكس دور علمائها الذين يقودونها، اختارتهم على أساس الكفاءة والتقوى والإخلاص. علماء عاملون مخلصون نذروا أنفسهم لخدمة هذا الدين وأهله. أيها الأبناء والبنات أيها الأخوة والأخوات: ونحن اليوم نستقبل عالماً من هذا الطراز، عالمٌ عمل بجدٍ وإخلاص ليل نهار في الشدة والرخاء ورأيناه في العشرين سنة الماضية عاملاً حاضراً في قلوب محبيه وإن غاب في طلب العلم. وهذا الحضور والاستقبال الجماهيري إنما يعكس مكانة هذا الشيخ في قلوب الأمة، وهذا الاستقبال كان استقبالاً عفوياً عكس هذا الحب وهذه المكانة ولم يكن أبداً للاستعراض أو الاستفزاز لأحد، فالشيخ قدومه للإسهام والمشاركة مشاركةً فاعلة في هذه العملية الإصلاحية خدمةً للوطن والمواطنين. نعم ربما حصلت بعض الارباكات في الشوارع نتيجة الازدحام الكبير وتدافع الناس إلا أن هذا جاء نتيجة طبيعية للازدحام ويبقى الهدف من هذا الاستقبال استقبال رمزٍ سيساهم بلا شك بصورة إيجابية في العمل الإصلاحي ورص الصفوف تحت سقف العمل الإسلامي والوطني هدفا لتقوية الوحدة الوطنية بعيدا عن الخلافات الجانبية التي ربما تسيء وتضعف النسيج الوطني والإسلامي. ولا يفوتني أيها الأحبة أن أرحب وأشيد بسماحة الشيخ عبد النبي علي العالم الورع المجاهد وأسال الله له النجاح والتوفيق والتسديد. أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات: لا يسعني في ختام هذه الكلمة إلا أن أرحب بوفد منظمة العفو الدولية الذي وصل اليوم إلى البحرين بادئاً زيارةً تستغرق أربعة أيام للتحقيق في قضايا حقوق الإنسان والتأكد من عدم رجوع الماضي وأأمل لهم الموفقية في مهمتهم هذه، كما أأمل ممن يتصلون به من المواطنين أن يحذر من تقديم معلومات غير صحيحة، سواءً تعلقت هذه المعلومات بالشعب أو الحكومة. وإني لأشكر القيادة السياسية التي سمحت لوفد منظمة العفو الدولية بدخول البلاد للقيام بمهمته التي تتلخص في الاتصال بالمنظمات الأهلية (منظمات المجتمع المدني)، ومثل هذا الأمر يجعلنا مطمئنين إلى أن الحكومة الموقرة سوف تأخذ بتوصيات هذا الوفد، ويجعلنا واثقين أن الحكومة الموقرة سوف تسمح للجنة حقوق الإنسان في البرلمان البريطاني للقيام بمهمة مماثلة للمهمة التي جاء من أجل القيام بها وفد منظمة العفو الدولية. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
حديث الجمعة 20/ شوَّال/1422هـ - 4/1/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) -القفول -المنامة
حديث الجمعة 20/ شوَّال/1422هـ - 4/1/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) -القفول -المنامة
بسم الله الرحمن الرحيم ،الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، وأصحابه المنتجبين،والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.أيها الإخوة والأخوات، أيها الأبناء والبنات،سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات،وبعدُ:فقد قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (الروم:54) صدق الله العلي العظيم.
أيها الأحبَّة: سوف يكون كلامنا على ضوء الآية وانطلاقاً منها عن الشباب، وهذا الكلام حلقة أولى لحلقات قادمة متَّصلة إن شاء الله، فنقول: أولاً: تحدَّثَ القرآن الكريم في هذه الآية عن الضعف والقوَّة بالنسبة للإنسان، تحدَّث عنه منذ أول تكوينه، ومنذ أول لحظة يبدأ فيها خلايا منويَّة تبدأ مسيرتها من صلب الرجل لتستقرَّ في وعاء رحم الأم، ومن ثم يتدرَّج ليكون جنيناً ، ويتطوَّر ليخرج إلى عالم الوجود، ثم يتطوَّر ليكبر ،وليأخذ غايته ،ثم ليتراجع إلى وضعٍ آخر،ثم ليرحل من هذا العالم إلى عالم الآخرة، مُركِّزَاً سبحانه في هذه الآية على ذكر مراحل ثلاث ، مرحلة الطفولة، ثم مرحلة الشباب، ثم مرحلة الشيخوخة.واصفاً له في مرحلتين هما الطفولة والشيخوخة بالضعف،وفي مرحلة وهي المتوسطة،بالقوَّة وهي مرحلة الشباب.والضعف والقوَّة في القرآن الكريم معنيان متقابلان، تقابل المَلَكَة وعدمها-كما يقول علماء المنطق.وقد جاء الحديث عن القوَّة التي يقابلها الضعف، جاء الحديث في القرآن الكريم لمعانٍ ثلاثة وهي:
1-القوَّة البدنية،وقد تحدَّثَ عنها القرآن في هذه الآية ،وفي قوله تعالى-حكاية عن بنت شعيب(ع)-:{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ} (القصص: 26).
2-القوَّة المعنوية،وتشمل القوَّة النفسية، وإليها الإشارة بقوله تعالى:{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (مريم: 1).
3-القوَّة المادّية،وتشمل السلاح والمال وأنواع القوى الإقتصادية،وإليها الإشارة بقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}(لأنفال:60). ومرحلة الشباب التي وصفتها الآية المباركة بالقوَّة،هي مرحلة عنفوان الصحَّة، ومرحلة تكامل الطاقات، ومرحلة تكامل وتصاعد الغرائز الجنسية في الإنسان.وهي المرحلة التي يُخشى فيها على الإنسان أن ينزلق وينحدر ،وتجاوُزُها بسلام يعتمد على التربية الصحيحة، والأجواء الموجَّهة السليمة، والرعاية الجيِّدة، والنظافة البيتية والبيئية والإجتماعية.وقد عبَّر الرسول الأعظم (ص) عن هذه المرحلة بالجنون إذا لم تكن هناك ضوابط ترعاها وتضبطها، فقد مرَّ به(ص) رجل وهو جالس مع أصحابه، وهذا الرجل مصاب في عقله، فقال بعض الأصحاب مُشيراً إلى ذلك الرجل: مجنون،فقال(ص):بل هذا رجلٌ مصاب ،إنما المجنون عبداً أو أمة أبليا شبابهما في غير طاعة الله}.وقد جاء التعبير عن مرحلة الشباب بالجنون في كلام العرب وشِعْرِهم، وهو تعبير مجازي، قال زهير ابن أبي سُلمى-وهو من أصحاب المعلَّقات:
لمَّا رأتني سليمى صارفاً نظري عنها وفي العين من أمثالها زَوَرُ
قالت عهدتك مجنوناً فقلتُ لها إن الشباب جنونٌ بُرؤه الكِبَرُ
ولا شكَّ أنَّ وقفتي حول موضوع الشباب جاءت للأسباب الآتية:
1-إنَّ جيل الشباب هو جيل المستقبل الذي تبلغ نسبته ما يقارب الثلثين من نسبة سكَّان المجتمع، وبالتالي فبناء مستقبل البلاد يقع على عاتق الشباب، فإذا تمَّ إهمال هذا القطاع وأُسقِطَ هذا الرقم من المعادلة وأقصد أنَّه أُبعِدَ من حسابات البرامج، فانظر كيف يكون شكل الجيل القادم؟!
2-إنَّ مشاكل هذا الجيل هي مشاكل مُعقَّدة وتحتاج للدراسة والتأنّي، وتحتاج لنوع من الأساليب غير التقليديَّة.
3-إنَّ الكفاءات المطلوبة للقيام بمسئولية الإهتمام بقطاع الشباب في الحقيقة وغير مُتوفِّرة بحجم المشكلة، وهذا بالطبع يزيد حجم الحاجة لمعالجة هذه القضية الحسَّاسة.
هذه الأمور مع بعض الإقتراحات التي وصلتني هي التي دفعتني لتخصيص عدَّة وقفات أو حلقات بعبارةٍ أُخرى في الأسابيع القادمة للحديث عن هذا الموضوع الهام.
وفي تصوُّري إنَّ الحديث في الحلقات القادمة سيتناول بعض الخطوط العريضة حول القسمين الآتيين:
القسم الأوَّل حول مشاكل الشباب،والتي تحتاج حقَّاً لتشخيص دقيق، فإنَّه مهما كان العلاج سليماً والدواء ناجعاً فإنَّه لن يُعطي مفعوله إذا كان المرض مجهولاً والمشكلة غير واضحة.
فجيل شباب الأمس هو غير شباب هذه الأيام، فالواقع غير الواقع، والطموح غير الطموح، فهناك مشاكل على مستوى الفكر والإعتقاد، وهناك مشاكل على مستوى السلوك.
أما القسم الثاني فسيتناول الأساليب المقترحة بما يتَّسِع له المقام، فالأساليب المطلوبة ينبغي أن تتوفَّر على عنصر المرونة والتجديد بما يتلائم مع الجيل الحالي الذي يملك انفتاحاً كبيراً، وأعداؤه قد سخَّروا كلَّ إمكانياتهم لجذبه وإبعاده عن دينه وقيمه الأصيلة.
من الرؤية للواقع: ولننتقل من هذه الرؤية الإسلامية إلى واقعنا في البحرين..فقد عُقِدَ المؤتمر الشبابي الأوَّل، قبل فترة في صالة شهرزاد، وكان حضوراً مباركاً جيِّداً رعاه عدد من الرموز في الساحة، وكان يُتوقَّع أن ينتُج عن هذا المؤتمر برنامجٌ شبابي لتدريب الطاقات على ممارسة الدور المطلوب في هذه المرحلة الهامَّة من حياة الأمَّة، ولكن للأسف لم نسمع شيئاً بعد هذا المؤتمر،أو ليس الأجدر بنا أن نشرع في إعداد وتنفيذ برنامج تأهيلي لاستيعاب طاقات الشباب وتدريبها على ممارسة دورها في الحملات الإنتخابيَّة؟ مثلاً: في تقييم المرشَّحين، في إدارة الحوار الوطني، في تطوير مهاراتهم الفنيَّة، لكي يتمكَّنوا من الإعتماد على أنفسهم اقتصادياً واجتماعياً، وبالتالي يكونون جزءً فاعلاً في المجتمع ،كما هو الدور المطلوب منهم؟!
أو ليس الأجدر بنا أن نُنشِّط الحركة الرياضية والثقافية، وأن نربّي شبابنا على الفهم العلمي لمتطلبات حياتنا المعقَّدة؟ إننا بحاجة إلى شباب مُتطوِّر ومُبدع يُساعد في دعم الحركة الإصلاحية، ويُساهم بصورةٍ مباشرةٍ في إثراء العمل السياسي والإجتماعي تحت مظلَّة الإتجاه الإسلامي،الذي يُؤكِّد على ضرورة تحقيق أقصى درجات الإنتاجية للطاقات الشبابية.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.وإلى أرواح شهدائنا الأبرار وجميع أموات الأمة الإسلامية رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وآل محمد.
حديث الجمعة 02/11/2001م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) - المنامة
حديث الجمعة 02/11/2001م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) - المنامة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، وأصحابه المنتجبين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
أيها الأحبة: سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات،وبعد: فقد قال الله تعالى: " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الأنبياء:105) في البدء أبارك لكم وللأمة الإسلامية جمعاء هذه المناسبة العظيمة ولادة الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت المهدي بن الحسن العسكري عجَّل الله فرجه الشريف والذي ثبت تاريخياً أنه وُلِدَ في الخامس عشر من شهر شعبان سنة 256 للهجرة كما قرَّره علماء التحقيق من الشيعة، وما لا يقل عن ثلاثة عشر عالماً من الأثبات المعتمدين من السُنَّة.
وهذه المناسبة العظيمة -أيها الأحبة- أولاً تشيع روح الأمل في الأمة لا سيما عند اشتداد الضربات وتكاثر الأعداء كما نراه اليوم ،فكما تشير هذه الآية المباركة بوضوح أن هناك وعداً من الله سبحانه وتعالى بأن النصر والغلبة هما للمؤمنين المخلصين كما ذكر ذلك في آيات أخرى كقوله تعالى:{وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}(الروم: 47). وقوله تعالى:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} (القصص:5)
وهل هناك أعظم من وعد الله؟فإذا كان هذا هو وعد الجليل جلَّ جلاله مالك الملك فهل يتسرَّب في نفوسنا شيء من الشك أو اليأس أو الحزن.
أيها الإخوة والأخوات أيها الأبناء والبنات.. أقول ذلك لأن الإعلام المقروء والمسموع والمرئي يريد عكس ذلك ،يدخل علينا وعلى أبنائنا وبناتنا بصورٍ تبهر العقول وتسحر الألباب، بعضها سيئٌ هدفه هدم الأخلاق وكسر العزيمة وتحطيم الثقة في ديننا ومعتقداتنا.وأقول: إذا هُزمنا في المعارك العسكرية لعدم التكافؤ فلا ينبغي أبداً أن نُهزمَ على المستوى النفسي،فثقتنا في نفوسنا يجب أن تبقى قوية صامدة.
أقول: هذا وعد الله ، نصٌّ قرآني،كلام قدسي، وحيٌ يُوحى أن النصر- بلا شك ولا ريب- للمؤمنين المتمسكين بدينهم، فلنتمسك بهذا الدين فهو خيرُ الأديان وخاتمها، والذي فشلت كلَّ الصيغ والطروح الأخرى سواه في علاج قضايا ومشاكل البشرية.
ثانياً وهذه المناسبة بذكراها العظيمة: تحثُّنا على الإستمرار في الإصلاح والتأكيد عليه.
فليس صحيحاً أبداً ما يحاول المغرضون إلصاقه بنا نحن أتباع أهل البيت(ع) من أنَّنا نُعطِّلَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فينتشر الفساد، حتى يعجِّل الله خروج المهدي(عج)،فهذا كلام لا يقنع حتى الأطفال،وعقيدتنا هي أنَّه لا خير في هذه الأمة إن لم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. ولذلك أفتى فقهاؤنا بوجوب الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.ومنعوا السكوت عن كلمة الحق، انطلاقاً من قول الرسول الأعظم(ص)" الساكت عن الحقِّ شيطانٌ أخرس". ولا نقصد بالإصلاح هنا فقط الدعوة للصلاة والصيام والزكاة والحج، فهذه أمورٌ مطلوبة لكنها ليست وحدها، وإنما يجب أن يشمل الإصلاح كلَّ الميادين على صعيد العمل السياسي والإقتصادي والتربوي. نعم هذه المناسبة العظيمة ينبغي أن تغرس في نفوسنا الإصرار على التمسك بحقوقنا بالمشاركة في الإصلاح بصورةٍ جدية واعية، فكل خطوة نخطوها في اتجاه الإصلاح هي خطوة تمهِّد لخروج إمامنا المهدي المنتظر (عج)، وهي خطوة لنصرة الإسلام لا شكَّ في ذلك ولا ريب.
نعم الإصلاح- أيها الأحبة- أعم وأشمل مما ذكر.
*فرصّ الصفوف، والإبتعاد عن الخلافات الهامشية، هي من صميم الإصلاح.
*بناء المؤسسات، وتحديد البرامج، ورسم الخطط للمساهمة في بناء الوطن، هي من صميم الإصلاح. وأن مشروع الإصلاح ،ونهضة الأمة ما زال يحتاج الكثير من الجهد، للتنظير والتفعيل، فالشعارات لا تحل المشاكل ،وإنما البرامج ،والتي نأمل أن تبث فينا هذه المناسبات كثيراً من الجد والعزم لمواصلة الدرب.
ثالثاً: وهذه المناسبة بذكراها العظيمة-أيها الأحبة-: تدفعنا للوحدة مع المؤمنين المناضلين والفعاليات المجاهدة في أقطار المعمورة ضد الظلم وضد قوى الإستكبار. وعليه فهذه المناسبة لا تخص الشيعة دون السنة، ولا فئة دون فئة، ولا بلداً دون بلد، فالدم الذي يراق في القدس كأنه يراق في الكعبة أو النجف الأشرف.
وما يفعله الصهاينة الغزاة من قتل وتشريد واستباحة للقدس الشريف هو في الحقيقة تدنيس لكل الأماكن المقدسة،وإن كان من إرهاب يريدون مكافحته فإسرائيل رأس الإرهاب، ولا معنى لكل الشعارات التي يرفعونها إلا إذا طُبِّقت على إسرائيل.
نسمع من الرؤساء الأمريكيين والأوربيين تفهماً لما يعانيه الفلسطينيون ولكن أين الآليات لإيقاف إسرائيل عن غيِّها وجبروتها.أين مجلس الأمن ؟أين موقف الدول العظمى من سياسة الإغتيالات واحتلال الأراضي.دخلت إسرائيل سبع مناطق فلسطينية جديدة، وقتلت أكثر من عشرين شهيداً وهدمت البيوت والمساجد، فأين هؤلاء الذين يجنِّدون كلَّ الطاقات لضرب أفغانستان بحجة مكافحة الإرهاب !! لماذا لا يتم إرسال قوات الأمم المتحدة لحماية الفلسطينيين! لماذا لم يسمح للفلسطينيين بإقامة دولتهم؟! والغريب المضحك أن السلطة الفلسطينية مع الجنود الإسرائيليين يشتركون في حملات التفتيش واعتقال المجاهدين. فماذا يعني هذا؟ هل يعني أن تترك إسرائيل تقتل وتحتل وتنهب دون مقاومة؟!! كل الشرائع السماوية، وحتى القوانين الوضعية تجيز للشعوب مقاومة الإحتلال بكل الطرق المشروعة.
نحن لسنا مع الإرهاب ،ولكن ماذا يجري في أفغانستان ؟ الضربات الأمريكية تتجاوز أسبوعها الثالث، وما زال المدنيون يدفعون الثمن.
نحن لا نتحدَّث عن طالبان وإنما نتحدَّث عن الدماء البريئة ،والتي ما زالت تراق بدون حق ،أليس هذا منطق الغاب؟ لقد قلنا وما زلنا نقول أن هذا الأسلوب يعقِّد الأمور ،ويخلق أجيالاً ترفض هذه الأساليب اللامنطقية.
"اللهم ما عرَّفتنا من الحقِّ فحمِّلناه ،وما قصرنا عنه فبلغناه، اللهم المم به شعثنا ، واشعب به صدعنا،وارتق به فتقنا ، وكثِّر به قلَّتنا،واعزز به ذلَّتنا .اللهم إنا نشكو إليك فقد نبيِّنا صلواتك عليه وآله، وغيبة وليِّنا،وكثرة عدوِّنا،وقلة عددنا،وشدَّة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا،فصلِّ على محمدٍ وآله، وأعنا على ذلك بفتحٍ منك تُعجِّلُه، وبِضُرِّ تكشفه، ونصرٍ تُعزُّه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حديث الجمعة 16 / ذي الحجة/1422هـ - 1/3/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) المنامة
حديث الجمعة 16 / ذي الحجة/1422هـ - 1/3/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) المنامة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
ذكرى عيد الغدير: أيها الأحبَّة: سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات وبعدُ: فقد جاء في وصية الإمام علي أمير المؤمنين(ع) لولديه الحسن والحسين(ع) بعد أن ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله بسيفه، جاء في هذه الوصية:
((أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما صلى الله عليه وآله يقول: "صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام".
أيها الاخوة والأخوات، أيها الأبناء والبنات: نعيش هذه الأيام مناسبة وذكرى عزيزة علينا وعلى جميع المسلمين، وهي مناسبة وذكرى الغدير، ولابد من الوقوف عندها وقفة جدية. فهناك من تمر عليه هذه المناسبة ولا يعرف فيها إلا الاحتفال، والفرح ومظاهر الفرح، وكأنما ارتباطه بعلي (ع) ارتباط شكلي، أو كأنما خطابه عن علي (ع) خطاب عاطفي. وهناك من تمر عليه هذه المناسبة ولا يريد أن يحتفل بها أحد غيره، لأنه من أصحاب علي (ع) والآخرين ليسوا من أصحاب علي (ع)، فيسيء للذكرى قبل أن يُحسن، وكأنَّ علياً لفئةٍ دون فئة، فيكون خطابه عند الآخرين خطاباً طائفياً منفِّراً يفرِّق ولا يوحِّد. وهناك من تمر عليه الذكرى ولا يدري ولا يعرف حقيقتها، والغاية منها، لأنه يعيش أجواء بعيدة عنها، ويحتاج لمن يُقرِّبه إلى الذكرى، ويهديه ويبصره بحقيقتها، ولكن بالأسلوب الهادئ، والقول الحسن، والخطاب العلمي المنطقي. أيها الأحبَّة: فمن أي الأصناف نحن ، أوفي أيها نُصنِّف أنفسنا؟ وبأي خطاب نريد أن نتحدَّث عن علي (ع) إذا كنَّا حقاً أتباعه، ومحبيه، ومريديه، وإذا كنَّا نريد أن نكون سفراءه ورسله للعالم؟ لا يحقُّ لأحد -أيها الأحبَّة- أن يتحدَّث باسم علي(ع) إلا من سار على دربه ونهجه، ولا يحقُّ لأحد أن يتحدَّث باسم علي (ع) إلا أن تكون أقواله وأفعاله مطابقة لتعاليم ونهج علي(ع). هناك من يتحدَّث باسم علي (ع) وهو لا يعرف إلا سمه وكنيته ولقبه. وهناك من يقول ولا يفعل. لا علاقة بينه وبين علي (ع) على مستوى التطبيق والتفعيل. وهناك من يدَّعي حبَّ علي (ع) وولائه وهو بعيد كلَّ البعد عن نهجه وقيمه ومعاييره. وهناك نماذج ونماذج أخرى، وكلّها مرفوضة.
أيها الأبناء والبنات: قلتُ في العام الماضي كلمة وأقولها الآن في هذه المناسبة العظيمة: أين نحن من نهج البلاغة؟
هذا السِّفر العظيم والنهج المستقيم، هذا الكتاب الذي ما عرفت الدنيا كتاباً بعد كتاب الله سبحانه أجمع ولا أنفع ولا أروع منه، هذا النهج لماذا يظل مغيباً؟! لقد دعوتُ وطلبتُ أن تكون هناك لجنة تهتم بهذا السفر، وتعقد الندوات والمؤتمرات في هذا البلد، تُعرِّف الناس كلَّ الناس بقيمة هذا الكتاب العظيم، فهل يكون ذلك؟
أيها الأحبة: أمعنوا النظر في الكلمات التي بدأتُ بها حديثي، فهي آخر الكلمات التي نطق بها علي (ع) بعد ضربة ابن ملجم رأسه بالسيف في صلاته، فهذه الكلمات وصيته لولده، وأهله، ومن بلغه كتابه لا فرق بين سنة و شيعة، فليس هناك عند الإمام أهم ولا أقدس بعد معرفة الله وعبادته من نظم الأمر وصلاح ذات البين. هذه الوصية –كبقية وصاياه الأخرى- ينبغي أن تكون منهاج عمل لكلِّ مصلح وعامل يريد الإصلاح في أمَّته. فما أحرى بنا أن نتمسَّك بها وندعو إليها من كان من أصحاب علي (ع) غافلاً، ولأقواله ناسياً، وفي أفعاله لنهج علي مخالفاً.
وقفة مع القضية المركزية: أيها الأحبَّة: وانطلاقاً من نهج علي(ع) ووصيته وأطروحته لنا وقفة من القضية الفلسطينية، قضية الأمَّة المركزية، فليس أقل من أنَّه يجب علينا أن نعيش همَّها، ونفكِّر لأجلها، وندافع عنها بالقول على الأقل إذا كنَّا عن الفعل بعيدين، وفي هذا الأمر مقصِّرين... فمازال العدو الصهيوني يهدم البيوت ويحتل الأراضي ويسفك الدماء بالعشرات يومياً، وآخر ذلك امرأة حامل قُتِلَ زوجُها وهو يحاول إيصالها إلى المستشفى للولادة، ولم يكن زوجها مسلَّحاً فيعد إرهابياً كما يحاول من يريد تسويق التبريرات الصهيونية للعالم. والمجزرة التي فعلها الصهاينة بالأمس حين قتلوا اثني عشر شهيدا. وتأتي مبادرة الأمير عبد الله المطالبة بانسحاب إسرائيل لما قبل حرب 67 مقابل تطبيع كامل مع الدول العربية. ولا نريد أن نجادل في هذه المبادرة ومالها وما عليها، ولكن نقول: حتى هذه المبادرة ماذا كان رد الفعل الصهيوني؟ كان كالتالي: أراد الصهاينة أن يقطفوا الثمار حتى قبل المبادرة، فمنهم من دعا الأمير عبدالله لزيارة ما يسمى بإسرائيل، ومنهم من أراد أن يزور الرياض، يريد الصهاينة التطبيع بلا ثمن، ويريدون أن يحرجوا المملكة العربية السعودية بثقلها في العالم الإسلامي، كما فعلوا بعرفات حيث جرجروه من مدريد إلى أوسلو إلى واشنطن إلى لاشيء، وإلا فأي سلام مع هذا الكيان الغاصب لكلِّ الحقوق؟ وأي حديث عن السلام وفي كلِّ يوم يمضي هذا الكيان في الفلسطينيين قتلاً وتعذيباً وإهانة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والى أرواح شهدائنا الأبرار وجميع أموات الأمة الإسلامية رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وال محمد.
حديث الجمعة 18/ ذو القعدة/1422هـ - 1/2/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) -القفول –المنامة.
حديث الجمعة 18/ ذو القعدة/1422هـ - 1/2/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) -القفول –المنامة.
بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطاهرين،وأصحابه المنتجبين،والتابعين بإحسان إلى يوم الدين. أيها الإخوة والأخوات،أيها الأبناء والبنات،سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات،وبعدُ:فقد قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (الروم:54)صدق الله العلي العظيم.
أيها الأحبَّة: قبل الحديث على ضوء الآية المباركة صلةً لما تقدَّم عن الشباب يهمُّني أن أذكر أمرين ،الأول،إنَّ هذه الآية تهدف إلى ضبط سلوك الإنسان بما تقدَّمَ من درس تربوي سلوكي،حيث تُصرِّح بأنَّ الإنسان ضعيف في طفولته، ضعيف في شيخوخته، ضعيف في شبابه أيضاً، فإنَّ القوة التي وصفته بها إنما هي نسبية، يعني بالنسبة إلى طفولته وإلى شيخوخته هو قوي، أما هو في واقعه فهو ضعيف مهما أحاطَ به نفسه من أسباب القوة، ومهما طغى وتكبَّر وتجبَّر، وإذا كان كذلك هل يستطيع مقاومة مؤاخذة الخالق وعذابه إذا انحرفَ عن الخط الصحيح،وهل يمكنه أن يتحمَّل عملية التعذيب المروِّعة على عصيانه وانحرافه؟!يقول علي(ع) في دعاء كميل مُنبِّهاً لنا إلى هذه الحقيقة:{يا ربِّ ارحم ضعف بدني ورقَّة جلدي ودقَّة عظمي}.الأمر الثاني:إنَّ هذه الآية المباركة من النصوص القرآنية التي تقيم الحجَّة- ضمناً- على صحَّة المعاد،فإذا كان الله تعالى قد خلق هذا الإنسان وأوجده من لا شيء أليس هذا الخالق قادراً على إعادته؟أو ليس من كان قادراً على الإنشاء هو قادر على الإعادة التي هي أيسر وأسهل من الإبتداء؟. قال سيد الموحدين علي(ع):{عجبتُ لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى}.
ليس عجيباً أن ينكر الناس أو يستبعدوا-مثلاً- وقوع الهاتف أو التلفاز، أو غيرهما من معجزات العلم لو قيل لهم قبل وقوعها بسنين أنها ستقع، لأنَّهم لم يروا ما يدل على إمكانية حصولها...ولكن العجب ممن ينكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى واقعاً معاشاً منظوراً!!قال تعالى:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}(يّـس:78-79). والآن لنعد إلى الحديث عن الشباب، فنقول: لقد تحدَّثنا في الأسبوع الماضي عن مشكلة غياب أسلوب الحوار بين الآباء والأبناء، وقلنا إنَّ هذا الغياب قد يؤدي إلى انفلات الشباب وابتعادهم عن جوِّ الأسرة، ولذلك أكَّدتُ أنَّ الحوار بين الآباء والأبناء يجب أن يبقى قائماً مفتوحاً حتى في الحالات الصعبة. أما اليوم-أيها الإخوة والأخوات، والأبناء والبنات-فالمشكلة المقترحة ،والتي أودّ أن أتحدَّث عنها يمكن تلخيصها في الآتي:هناك إحساس عند الشباب بأنَّ قدراتهم ومؤهلاتهم غير محترمة، أي : إنَّ هناك عدم تقدير لآرائهم وعدم احترام لكفاءاتهم.الشباب يقولون: إنَّ لنا رأياً في تلك القضية، ولنا موقفاً من تلك الحادثة، ولكن لا أحد يسمع لنا، ولا أحد يأخذ برأينا. بعض الشباب قاموا بمشروع، وحين جاءوا يأخذون رأي الكبار قالوا لهم : إنَّ هذا المشروع لا يصلح، إنكم لا تملكون الخبرة الكافية،إنكم لا زلتم صغار السن، وحديثيّ العهد. وأمثال ذلك. في منطقة أخرى يقول بعض الشباب إنَّهم كلَّما أرادوا أن يقوموا بعمل كان ردَّ الكبار الذين يملكون المكانة الإجتماعية في المنطقة، كان ردهم على هؤلاء الشباب، أنتم حماسيّون، أنتم عاطفيون، أنتم انفعاليون!!! من هذه الأمثلة وغيرها يتضح أنَّ الشباب يشعرون بالإهمال، والإحباط، وعدم إعطاء الفرصة لإبراز قدراتهم ومؤهلاتهم.. وهذا الأمر غير صحيح، وينبغي أن تتم معالجته بطريقة منطقية.نعم في خصوص التأنِّي والتثبُّت ودراسة المشروع قبل الشروع فيه ما يقوله الكبار صحيح. فأيُّ عملٍ وأيُّ مشروعٍ يحتاج لدراسة متأنّية، وخطَّة مدروسة تضمن له النجاح. وصحيح ما يقوله الكبار أيضاً من أنَّ الشباب مرحلة عنفوان، وفيها كثير من الإرتجال في الأقوال والأفعال، ومن الممكن أن يحصل الإستعجال للشباب في الأمور....ولكن هل هذا الكلام صحيحٌ مطلقاً؟! وأن كلَّ ما يقوم به الشباب خطأ، وكل ما بفعله الشباب يفتقد الحكمة والصواب؟!! ثم كيف يحصل الشباب على الخبرة إذا عورِضوا دائماً؟ وكيف يمكن لهم أن يُصحِّحوا أوضاعهم؟!! أقول: أيها الإخوة: كما إننا نطالب الشباب بالتريّث، والتعقُّل، والإستشارة، ودراسة المواضيع قبل الإقدام عليها..... أقول: كذلك يجب علينا كآباء، وعلماء، ومثقَّفين أن نعطي الشباب الفرصة، أن نحترم عقولهم ونُقدِّرَ كفاءاتهم، خصوصاً أنَّ شبابنا اليوم-والحمد لله-درسوا وتعلَّموا وحصلوا على الشهادات العلمية، ويمكن أن يأخذوا بالنصيحة المفيدة إذا جاءت بالأسلوب الحسن.
قضية القدس والعالم الإسلامي:
وفي ختام هذه الحلقة أودّ أيها الإخوة أن أنتقل معكم إلى قضية القدس والعالم الإسلامي، فإنَّ بحثنا يواكب أوضاع الساحة، وأحداث الساحة دائماً، وهذا ما يهم الأمَّة كلّ الأمَّة، فأقول:لقد سمعتُ في اليومين الماضيين تصريحين مثيرين غريبين جداً، الأول: من الرئيس الأمريكي الذي قال: إن محور الشرّ والإرهاب يكمن في ثلاث دول: إيران والعراق وكوريا الشمالية. والتصريح الثاني لشارون رئيس وزراء الكيان الصهيوني يقول: إنَّه نادم أو ندمان لأنَّه لم يقتل الرئيس الفلسطيني((عرفات)) عندما اجتاح-أي شارون-لبنان سنة 1982م!!! فالتصريح الثاني اعتراف من مجرم سفَّاك اجتاح لبنان ودمَّرَ ما دمَّر وقتل ما قتل، كما يفعله اليوم في فلسطين من إراقة للدماء، وانتهاك للحرمات أمام العالم. وما فعله في صبرا وشاتيلا بالأمس يفعله اليوم أضعافاً مضاعفةً. ثم يأتي الرئيس الأمريكي ليقول للعالم: إنَّ إسرائيل ليست إرهابية، وإنما إيران، والعراق، وكوريا،هؤلاء هم الإرهابيون!!!وهذا الرئيس تارة يُصرِّح بحرب صليبية كما هو في بداية الحرب على أفغانستان، وتارة يُصرِّح واصماً دولاً إسلامية بالشرِّ والإرهاب ولا أدري هل هذا استغفال لعقول العرب والمسلمين؟!! أم هو استحقار واستهانة بالعرب والمسلمين؟!!أم هو جس للنبض وتمهيد لضرب هذه الدول؟!! أقول: إنَّ القمَّة العربية ستعقد قريباً في لبنان، بلد الجراح، وبلد النصر والمقاومة، ويجب أن تكون القمَّة مختلفة عمَّا مضى، يجب أن يصدر قرار شجاع يتحوَّل من الأقوال إلى الأفعال،ومن العمومية إلى الخصوص.فلا يجوز أن تجتمع الدول العربية كلّها في البلد الذي انتصرَ على إسرائيل ثم يخرجوا بقرارات خائفة خجولة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.وإلى أرواح شهدائنا الأبرار وجميع أموات الأمة الإسلامية رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وآل محمد.
لا جديد في حكم الاختلاط
لا جديد في حكم الاختلاط
|
د / عبدﷲ بن عبدالعزيز العنقري
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى ﷲ وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد
فقد قال نبي ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم " : إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا " (رواه أحمد ٤ / ١٢٧ ، وأبو داود ٤٦٠٧٨ ) وإن من اﻻختلاف الذي ذكر في هذا الحديث ما وقع ويقع من إنكار ما دلت عليه النصوص ، وتتابع على القول به علماء اﻷمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم . وتلكم محنة قديمة تتعدد أمثلتها بين حين وآخر ، بَيْد أنها أضحت في هذه اﻷزمنة المتأخرة أكثر انتشارا وأعظم استفحاﻻ . ومن أشد ما يصيب الحليم بالحيرة أن يقع في هذا أحد من حملة العلم الشرعي ، أما الجاهل فلا عجب أن يخبص في اﻷمور ، وينفي ما هو مقطوع به عند أهل العلم ، فلا يترتب على صنيعه كبير خلل في الغالب ؛ ﻷنه في نهاية المطاف مجرد جاهل ٠ كما أن اﻷمر ﻻ يخفى على الناس إذا دخل في هذه اﻷمور من فُتِنوا بمد نية الغرب ومسايرة ما هم عليه من الحال البغيض في شتى مناحي الحياة ؛ﻷن بطﻼن منهج هذا الصنف واضح للعيان ، ﻻ يحتاج الناس في بيان بطﻼنه إلى كبير ﻋﻧﺎء ، كيف وقد قال قائلهم بأن علينا أن نساير هذه المدنية الغربية في خيرها وشرها ، وحلوها ومرها ، وما يعاب فيها وما يحسن ! إذاً اﻹشكال فيما يقع من حملة العلم الشرعي . ومن آخر ما كثر الكلام فيه موضوع اﻻختلاط بين الرجال والنساء من غير المحارم ، حيث سوّغه بعضهم ، بل قال : إن ﻛﻠﻣﺔ ( اﻻختلاط ) مُحدثة لم يرد في النصوص ما يدل عليها بالكلية . وهؤﻻء مسبوقون من أناس كتبوا في هذا الموضوع منذ عقود ، وكان كلامهم في نطاق كلام عام عن المرأة وحجابها وحدود علاقتها بالرجل . وقد جمعوا نصوصا استدلوا بها على وجهتهم هذه ، غاضين الطرف عن نصوص أخرى جلّت المسألة ووضحتها . ومن أعجب ما ذكروه أن كلمة ( اﻻختلاط ) تميزت – إضافة إلى كونها محدثة – ﺑﺎﻹﺑهام وعدم الوضوح ، ودلّلوا في هذا السبيل بوقائع جِرِت زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم ، من أشهرها اختلاط الرجال بالنساء بزعمهم حال الطواف ﺑﺎﻟﻛﻌﺑﺔ ، ، وفي المسجد عند أداء الصلاة دون نكير . وغفل هؤﻻء عن وقوعهم فيما أنكروه على غيرهم ، حيث أوهموا بكلامهم هذا أن مجرد وجود الرجال والنساء في موضع واحد هو اﻻختلاط الذي منعه العلماء ، فأبهموا اﻷمر على الناس ، وأشعروا أن المنع من اﻻختلاط يقصد به منع اجتماع الرجال والنساء في أي موضع كان . وهذا من تقويل أهل العلم ما لم يقولوا ، فإنهم لم يقولوا هذا ، ولم يكن اﻷمر عندهم بحمد ﷲ ملتبسا ، حتى يتحدث بالنيابة عنهم غيرهم ٠ وقد بين البخاري في صحيحه حقيقة هذا اﻷمر بما ترجم به على أمر ابن هشام والي مكة بعدم طواف النساء مع الرجال ، فقال رحمه ﷲ في صحيحه ( ٢ / ١٦٣ ) " باب طواف النساء مع الرجا ل " ثم ساق بسنده هذه المناقشة التي يتضح منها بجلاء أن طواف الرجال مع النساء ﻻ يعني أبدا اﻻختلاط بينهم . والمناقشة كانت بين عطاء بن أبي رباح فقيه أهل مكة وبين تلميذه ابن جريج ، حيث قال عطاء منكرا صنيع الوالي : " كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى ﷲ عليه وسلم مع الرجال ! " ﻓﻘال ابن جريج : " كيف يخالطن الرجال ! " فجاء جواب عطاء واضحا ": لم يكن يخالطن " ففرق – كما ترى – بين طواف الرجال مع النساء في موضع واحد ، وهو المسجد الحرام ، وبين اختلاط الرجال بالنساء . والمحتجون على جواز اﻻختلاط يجعلون من أول ما يستدلون به على اﻻختلاط ما يكون في المسجد الحرام من طواف النساء مع الرجال ، ثم إن عطاءً وضح بعد ذلك كيف تطوف النساء مع الرجال ، دون أن يكون من آثار ذلك وقوع اﻻختلاط . فقال ضاربا المثال بالطيبة المطهرة عائشة رضي ﷲ عنها ": كانت عائشة تطوف حَجْرةً من الرجال ﻻ تخالطهم " ومعنى قوله ( حجرة ) : ناحيةً ، مأخوذ من قولهم : نزل فلان حجرة من الناس : أي معتزﻻ انظر( فتح الباري ٣ / ٦٠٧ ) ليس هذا فحسب ، بل إن امرأة – كما في رواية البخاري المذكورة – قالت لعائشة ": انطلقي نستلم يا أم المؤمنين ، قالت : انطلقي عنك ، وأَبَت " . وإنما أبت رضي ﷲ عنها ؛ﻷ ن اﻻستلام بالوضع الذي تريده المرأة سيترتب عليه مزاحمة الرجال واﻻختلاط بهم . وهذا ما أنكرته أم المؤمنين رضي ﷲ عنها على موﻻة لها قالت : يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا ، واستلمت الركن ﻣر تين أو ثلاثا ، فقالت لها : ﻻ أجرك ﷲ ، ﻻ أ جرك ﷲ ، تدافعين ا لرجال ؟ أﻻ كبرت ومررت " رواه ( الشافعي في اﻷم ٢ / ١٧٢ ، والبيهقي من طريقه في السنن الكبرى ٥ / ٨٠ ) فتأمل كيف بررت عائشة إنكارها على موﻻتها بأن صنيعها سيؤدي حتما إلى مزاحمتها للرجال ، وهو عين اﻻختلاط الذي نأت أم المؤمنين بنفسها عنه ، وإن كانت الجاهلة من النساء تستسهله ، بدعوى إقامة السنة باستلام الركن . وإذا عدنا لرواية البخاري التي بدأنا بها وجدنا اﻻحتياط التام ﻹبعاد النساء عن اﻻختلاط بالرجال ، حيث يقول عطاء ": فكن يخرجن متنكرات بالليل ، فيطفن مع الرجال ." ومعنى " متنكرات " مبيّن في رواية عبد الرزاق ( 5 /67 )، حيث قال " مستترات " هذا اﻻحتياط اﻷول . أما اﻻحتياط الثاني فبينه عطاء بقوله ": ولكنهن كنّ إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن ، وأُخرج الرجال " والمعنى كما في ( فتح الباري ٣ / ٦٠٧ ) " إذا أردن دخول البيت وقفن ، حتى يدخلن ، حال كون الرجال مخرجين منه " وهل كل هذا إﻻ من باب تجنب اختلاطهن بالرجال؟ ولهذا فإن النبي صلى ﷲ عليه وسلم لما وقع اختلاط محرم للنساء بالرجال مرة بادر عليه الصلاة والسلام بإنكاره ، فروى ( أبو داود ٥٢٧٢ ) عن أبي أسيد اﻷنصاري رضي ﷲ عنه أنه سمع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد ، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق ، فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم للنساء ": استأخِرْن ، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار ، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به " ومعنى (ليس لكن أن تحققن الطريق ) أ ي وسطها ، كما في ( النهاية ﻻبن اﻷثير ١ / ٤١٥) 0 وقد ترجم أبو داود على الحديث ترجمة قريبة من ترجمة البخاري على طواف الرجال مع النساء ، فقال أبو داود : " باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق " 0 ففهم رحمه ﷲ أن المشي في الطريق ﺷﻲء ، واﻻختلاط الذي أنكره النبي صلى ﷲ عليه وسلم شيء آخر . وذلك أن الطرق ﻻيمكن أن يُمنع الناس من المرور فيها ، فيمر الرجال وتمر النساء ، ولكن ﻻ يحل أن يكون ذلك على حال من اختلاطهم . ومن هنا ترجم أبو داود في السنن على صلاة النساء مع الرجال في المسجد ترجمة تبين حقيقة ما كان عليه الناس زمن النبوة من التباعد من اﻻختلاط فقال " : باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال " ثم ساق بسنده عن ابن عمر رضي ﷲ عنهما أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال " : لو تركنا هذا الباب للنساء " فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات . قال صاحب (عون المعبود ٢ / ١٣٠) " : لو تركنا هذا الباب " أي باب المسجد الذي أشار إليه النبي صلى ﷲ عليه وسلم لكان خيرا وأحسن ؛ لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد ، والحديث فيه دليل أن النساء ﻻ يختلطن في المساجد مع الرجال ، بل يعتزلن في جانب المسجد "... وقد جاء اﻻحتياط من اﻻختلاط المحرم حتى في اﻷحوال الصعبة ، فهذا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم لما حضرت الوفاة صاحبه الجليل أبا سلمة حضره النبي صلى الله عليه وسلم وبينه وبين النساء ستر مستور ، كما رواه ( ابن سعد في الطبقات ٣ / ٢٤١ ) . فهذا الستر المستور بين الرجال والنساء ليس له معنى إﻻ منع اﻻختلاط ، مع أن الموضع فيه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم – أزكى الناس وأطهرهم وأبعدهم عن أي ريبة - . كما أن القوم –رجاﻻ ونساء – ينتابهم الحزن بوفاة هذا الصحابي الكريم ، وذلك كله مما يجعل فتنة الرجال بالنساء – والحال ما ذكر - بعيدة كما ﻻ يخفى . ومع ذلك كله لم يغفل عن وضع هذا الستر المستور ، فأين من يزعمون انتفاء الخطر في حال ما أسموه بسلامة قلب الرجل والمرأة ؟ أيجدون قلوبا أسلم من قلوب الموجودين في بيت أبي سلمة إذ ذاك ؟ وإذا احتاجت النساء إلى موضع فيه رجال خرج الرجال ؛ ليدخلن ، وكذا العكس ، وﻻ يجتمعون اجتماعا يترتب عليه اختلاطهم ، كما تقدم في رواية البخاري " : إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن ، وأخرج الرجال " وهذا بعينه ما وقع عند مصاب عظيم حلّ بالمسلمين ، إذ طُعِن عمر رضي ﷲ عنه ، واجتمع الرجال عنده ، فلما جاءت حفصة بنت عمر ومعها النساء أخلى الرجال المكان ، ﻓبقيت عنده ساعة لم يدخل الرجال فيها ، فلما أرادوا الدخول استأذنوا ، فعند ذلك قامت وأخلت المكان ليدخلوا . قال عمرو بن ميمون فيما رواه ( البخاري ٤ / ٢٠٥ ) : " وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا ، فولجت عليه فبكت عنده ساعة ، واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم ، فسمعنا بكاءها من الداخل " فلماذا كل هذا ؟ والمصاب جلل ، والقلوب قد اشتغلت بما وقع ﻷمير المؤمنين أشد اشتغال ، حتى قال عمرو بن ميمون ": كأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ " ( البخاري ٤ / ٢٠٥ ) إن السبب واضح لمن أنصف ، فقد كان الغرض منع اﻻختلاط . ولم يقل أحد من الموجودين في المكان ، ﻻ عمر رضي ﷲ عنه وﻻ غيره : إن هذا الفعل تكلف مذموم ، إذ الظرف أدق من أن يتعامل معه الناس بمثل هذا اﻷسلوب . فحفصة رضي ﷲ عنها أم للموجودين ؛لكونها أم المؤمنين ، والرجال الحاضرون من خيار المسلمين ، فيهم ابن عباس ر ضي ﷲ عنهما وغيره من اﻷخيار ، فما الداعي لمثل هذا ؟ لم يقولوه؛ لما استقر عندهم من منع اختلاط الرجال بالنساء . ويا سبحان ﷲ ! كيف يستنكر منع اﻻختلاط في أمة كان المسلمون فيها زمن نبيهم وزمن الصدر اﻷول يعودون بناتهم لزوم الخدور : جمع خدر ، وهو ناحية في البيت ،يترك عليها ستر، وتكون فيه البكر ، كما قال ابن اﻷثير في ( النهاية ٢ / ١٣ ) 0 وذكر القرطبي أنها تلازم الخدر إلى أن تخرج منه إلى بيت زوجها ( المفهم ٦ / ١١٥ - ١١٦ )٠ فإذا كان هذا مما يصنعه أولئك السلف اﻷخيار داخل بيوتهم ، و ينشئون عليه أبكارهم ، فكيف يظن بهم أنهم يرسلون هؤﻻء اﻹناث ، ليختلطن بالرجال خارج البيوت بلا نكير ٠ وﻻ ريب أن تتبع الروايات الواردة في المنع من اﻻختلاط يطول ، والغرض من الكتابة بيان اﻷمر بإيجاز قدر المستطاع ، ولو ذهبنا نسرد كلام أهل العلم من الشراح والمفسرين والفقهاء لطال بنا المقام ، وهو موجود بحمد ﷲ في موضعه لمن أراد الوقوف عليه ، غير أني أحب أن أنبه على أمرين بشكل مجمل : اﻷول : أن هناك أخبارا كثيرة فيها رواية الرجال عن النساء ، ورواية النساء عن الرجال ، وهذا مما قد يتوهم البعض منه وجود اختلاط بينهم ، إذ كيف يروي رجل عن امرأة من دون أن يختلط بها ! والحق أن ذلك وقع دون اختلاط ، وهذا يدركه من عرف حال السلف ، وما كانوا عليه من اﻻحتراز عن الفتنة . ولذا فإن الذهبي في ( السير ٧ / ٣٨ ) لما نقل إنكار هشام بن عروة على ابن إسحاق أن يحدث عن امرأته ، ﻗﺎﺋﻼ : " تحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ! وﷲ إن رآها قط " قال الذهبي : " هشام صادق في يمينه ، فما رآها ، وﻻ زعم الرجل أنه رآها ، بل ذكر أنها حدثته ، وقد سمعنا من عدة نسوة ، و ما رأيتهن ، وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة ، وما رأوا لها صورة أبدا " ومراد الذهبي أن نقل الرجل عن امرأة ﻻ يعني أبدا اﻻختلاط بها ، فضلا عن رؤيتها ، وذلك لوجود ما يمنع اﻻختلاط بين الرجال والنساء . وهذا واقع دراسات الطالبات الجامعيات منذ سنين في بلدنا المملكة العربية السعودية ، وقد تفوق عدد منهن ، ووصلن إلى مرحلة الدكتوراه ، ثم جاوزنها ، من خلال التدريس بواسطة الدائرة التلفزيونية ، دون اختلاط بحمد ﷲ . التنبيه الثاني : أن هنالك روايات كثيرة قبل نزول الحجاب يتجلى فيها اختلاط الرجال بالنساء ، وهذه الروايات ﻻ ينبغي للمنصف أن يحتج بها ، فإن اﻻحتجاج بما قبل الحجاب ﻻ دﻻلة فيه ؛ ﻷنه الوضع الذي كان عليه الناس قبل نزول الحكم الناسخ ، شأنه في ذلك شأن أي حكم منسوخ ، ﻻ يحل اﻻستمساك به ، بعد أن ورد ما ينسخه ، وإﻻ ﻷمكن أن يحتج أحد على جواز نكاح المتعة بأدلة إباحته قبل النسخ . وقل مثل هذا في نظائره من المنسوخات . وفي بعض اﻷدلة الورادة في شأن زينة النساء الواجب سترها التنبيه إلى أن ما قد يظهر منها للرجال كان قبل اﻷمر بالحجاب ، كما في قول عائشة رضي ﷲ عنها مبينة سبب معرفة صفوان بن المعطل لها " : فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت حين عرفني ، ﻓﺧﻣﱠرتُ وجهي بجلبابي " رواه (البخاري ٧ / ٦ ومسلم ٤ / ١٦٩٢ ) فقولها : (( وكان يراني قبل الحجاب )) جواب لسؤال يتبادر إلى ذهن السامع من قولها قبل ذلك : )) فعرفني حين رآني )) فبينت أن ذلك إنما كان قبل تشريع الحجاب ، فلا عجب أن يراها ، كما كان الرجال يرون النساء ويختلطون بهن أول اﻷمر، فلما شرع ﷲ الحجاب بادرت إلى تغطية وجهها . ومثل هذا قولها رضي ﷲ عنها كما في ( البخاري ٧ / ٥ ) : (( لما قدم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم المدينة وعك بلال وأبو بكر فدخلت عليهما )) ٠ فهذه الواقعة كانت قبل فرض الحجاب ، ولذا قالت كما في رواية ابن إسحاق : ((ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة ، وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب )) ( فتح الباري ٧ / ٣٢٨ ) ومما يوضح ذلك مارواه البخاري ( ١ / ٥٦ ) عن ابن عمر رضي ﷲ عنهما أنه قال : (( كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان الرسول صلى ﷲ عليه وسلم جميعا )) فهذا الحديث أجاب عنه سحنون أحد أئمة المالكية بأن معناه أن الرجال كانوا يتوضئون ويذهبون ، ثم تأتي النساء ، فيتوضأن ، وبه أجاب ابن التين ،لما في لفظه من التدليل على اﻻختلاط الذي استقر منعه عندهما . لكن اﻷولى في الجواب ، كما قال ابن حجر في ( الفتح ١ / ٣٩٠ ) : (( أن يقال ﻻمانع من اﻻجتماع قبل نزول الحجاب ، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم )) ٠ ومما يبين ذلك أن إخراج الذراعين في الوضوء ليمسهما الماء أمر ﻻبد منه للرجال والنساء ، فهل يقول من يستدل بهذا الحديث على تسويغ اﻻختلاط : إن ذلك أمر ﻻ بأس بوقوعه من النساء بمحضر من الرجال ؟ ﻻ ريب أنهم ﻻ يقولون بذلك ، فلوا احتج أحد لجواز إبداء المرأة ذراعيها أمام الرجال بهذا الحديث لما وجدوا جوابا إﻻ أن يقولوا : هذا أمر قبل إيجاب الحجاب . وعليه يقال : فما الذي سوغ لكم اﻻحتجاج بهذا الحديث على جواز اﻻختلا ط ، ثم لما احتج بالحديث نفسه على إبداء الذراعين سارعتم إلى نفي دﻻلته على ذلك ، ﻷنه قبل الحجاب ! ؟ وبكل حال ، فلو فرضنا أن هذه اﻷدلة التي ذكرت ـ وغيرها كثير ـ لم تقنع هؤﻻء المسوغين للاختلاط ، ورأو أن لديهم اﻷدلة على صحة ما اختاروه ، كما أن لديهم اﻷجوبة على كل دليل يدل على منع اﻻختلاط ، فيبقى سؤال كبيرعليهم اﻹجابة عنه ، مستشعرين أن ﷲ تعالى سيسألهم عن جوابهم . وهذا السؤال : هل اﻻختلاط الذي يزعمون وجوده زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه هواﻻختلاط الذي يريدون جرَ الناس إليه ، بحيث ﻻينتج عن هذا اﻻختلاط إﻻ مانتج عن اﻻختلاط الذي يزعمون وجوده زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه ؟ فهل يجدون في اختلاط اليوم ماورد في حديث أبي داوود من ابتعاد المرأة عن الرجل في الطريق حتى تلتصق بالجدار ؟ وهل الوضع الذي بيَنَاه من حال السلف في الطواف والصلاة في المساجد ، بحيث يعتزل النساء عن الرجال عزلة حقيقية ،هواﻻختلاط الذي يتحدثون عنه اليوم ؟ وبالتالي : هل النصوص التي استدلوا بها على اﻻختلاط المزعوم ، زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم هو اﻻختلاط الذي يدعون إليه ، بحيث تطابق اﻷدلة التي احتجوا بها عين المسألة التي احتجوا لها ؟ فإن قالوا : نعم ـ وﻻ نظن منصفا منهم يقول ذلك ـ فلينظروا في آثار اﻻختلاط الواقع في كثير من البلدان اليوم ، وما جر على اﻷمة من المفاسد العظيمة ، وليقولوا : إن هذا اﻻختلاط في أصله سائغ ، وهذه اﻵثار المترتبة عليه ـ مهما كانت مريرة ـ نتيجة ﻻبد منها ﻷمر دلت عليه النصوص ! نعوذ بالله من منكرات الأقوال والأعمال . وإن قالوا : ﻻ ـ وهو المظنون بالمنصفين منهم ـ بل اﻻختلاط الذي ننسبه إلى زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه يختلف كل اﻻختلاف عن اختلاط اليوم ، وﻻ ينبغي مقارنة هذا بذاك . فيقال لهم : بأي حق استدللتم بنصوص ذات ضوابط محددة ، مربوطة بوقائع معينة على واقع يختلف كل اﻻختلاف عن تلك الوقائع . ؟ فوسعتم الدائرة حتى شملت ماﻻ يدخل في دﻻﻻت النصوص ، وألحقتم المسألة المبحوثة بما ليس من نظائرها ٠ وهل سيبقى للنصوص كلها مدلول واضح إذا أدخل فيها ما ليس منها ، على النحو الذي صنعتموه ؟ إذا فليحسبوا لدعوتهم الحساب الدقيق ، وليتأملوا في المصير الذي يمكن أن تُجرّ إليه اﻷمة ، وليحذروا من تناول هذه المسائل العظيمة بأسلوب المراء والجدل المحض الذي ينظر فيه إلى مجرد ادعاء الغلبة ، وزعم التمكن من إسقاط ﺣﺟﺞ المخالف ، دون النظر فيما يترتب على هذه اﻷمور من العواقب . وهذا هو الذي نخشاه من دخول حملة العلم الشرعي في هذه الدعوة . ومما يبعث على القلق تلكم الطريقة العنيفة التي اختاروا طرح وجهتهم من خلالها ، من قبيل وصف المنكرين للاختلاط ﺑﺎﻟﻣﺣدثين ، وكأنهم قد دعوا اﻷمة إلى هدي كسرى وقيصر قبل الإسلام ، ﻻ إلى ما دلت عليه النصوص . ومن ذلك وصفهم بالجمود والدفاع عن المألوف الذي اعتادوه ، وأرادوا أن ينسبوه إلى الدين ، في عبارات تقشعر منها قلوب المنصفين ، لما يترتب عليها من وصم علماء اﻷمة قديما وحديثا بهذه اﻷوصاف المقذعة 0 فإن منع العلماء من اﻻختلاط ليس شيئا حديثا اختاره علماء متأخرون في بيئة محددة ، كما يهوون أن يصوروا للناس ، ليحصروا معركتهم مع علماء بلد معينين ، بل المنع من اﻻختلاط قديم في كـﻼم السلف ومن بعدهم ، كما تقدم في قول عطاء وسحنون وكلام ابن حجر وابن التين وصاحب عون المعبود ، وغيرهم كثير ممن لو نقلت كلامهم ، وعددت أزمنتهم وأوطانهم لطال بنا المقام جدا . وكتب أهل العلم مليئة بالشواهد على هذا ، وﷲ المستعان .. نسأل ﷲ أن يرينا وإخواننا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطﻼ ويرزقنا اجتنابه ، وأن ﻻيجعله ملتبسا علينا فنضل ، كما نسأله تعالى أن يجعلنا من مفاتيح الخير ، مغاليق الشر ، وأن ﻻيجعلنا من مفاتيح الشر ، مغاليق الخير . ونسأله أن ينصر هذا الدين ، ويعز السنة ويحببها إلينا ، وأن يؤلف بها بين قلوبنا . وﷲ أعلم وصلى ﷲ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه 0 وكتب : د / عبدﷲ بن عبدالعزيز العنقري عضو هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود بالرياض يوم الثلاثاء 21 / 12 / 1430 |
كشكول جعفر الخابوري الا سبوعي
الأري : العسل ، والأري الذي لم يدخل الفزع جنان رئته ( كتاب العين : 8 / 302 ) .
أنا بدر البروج أنا شبشاب الكروج أنا كبور الفارق أنا ذربيس الخطاء أنا خاتم الأعاجم أنا دوسار البراجم أنا أبرياء الزبور أنا وسيم حجاب الغفور أنا صفوة الجليل أنا ايليأ إنجيل أنا استمساك العرات أنا أبرياء التوراة أنا سهل الطباع أنا منون الرضاع أنا سر الأسرار أنا خيرة الأخيار أنا حيدر الأصلع أنا مواخي اليوشع أنا مؤمن رضاع عيسى أنا در فلاح الفرس أنا ظهر قبايل الأنس أنا سمير المحراب أنا سؤال الطلاب أنا ذرماج العرش أنا ظهير الفرش أنا شديد القوى أنا حامل اللواء أنا سابق المحشر أنا ساقي الكوثر أنا قسيم الجنان أنا مشاطر النيران أنا مغيث الدين أنا إمام المتقين أنا طهر الأطهار أنا وارث المختار أنا مبيد الكفرة أنا أبو الأئمة البررة أنا قالع الباب أنا عبد أواب أنا صاحب اليقين أنا سيد بدر وحنين أنا حافظ الآيات أنا مخاطب الأموات أنا مكلم الثعبان أنا حاطم الأديان أنا ليث الزحام أنا أنيس الهوام أنا رحيب الباع أنا أوفر الأسماع أنا مهلك الحجاب أنا مفرق الأحزاب أنا وارث العلوم أنا هيولى النجوم أنا النقطة والخطة أنا باب الحطة أنا أول الصديقين أنا صالح المؤمنين أنا عقاب الكفور أنا مشكاة النور أنا دافع الشقاء أنا مبلغ الأنباء أنا والله وجه الله أنا مفرج الكرب أنا سيد العرب أنا كاشف الكربات أنا صاحب المعجزات أنا غياث الضنك أنا صريع الفتك أنا موضح القضايا أنا مستودع الوصايا أنا حقيقة الأديان أنا عين الأعيان أنا منحة المانح أنا صلاح الصالح أنا سور المعارف أنا معارف العوارف أنا كاشف الردى أنا بعيد المدى أنا محلل المشكلات أنا مزيل الشبهات أنا عصمة العوامظ أنا لحظ اللواحظ أنا غرام الغليل أنا شفاء العليل أنا صلة الآصال أنا أمر الصلصال أنا تكسير الغسق أنا بشير الفلق أنا معطل القياس أنا طبأ الأرماس ( 1 ) أنا حبل الله المتين أنا دعائم الدين أنا ناسخ المري ( 2 ) أنا عصمة الورى أنا دوحة الأصيلة أنا مفضال الفضيلة أنا طود الأطواد أنا جود الأجواد أنا عيبة العلم أنا آية الحلم أنا حلية المخلد أنا بيضة البلد أنا محل العفاف أنا معدن الإنصاف أنا فخار الأفخر أنا الصديق الأكبر أنا الطريق الأقوم أنا الفاروق الأعظم أنا زهرة النور أنا حكمة الامور أنا الشاهد المشهود أنا العهد المعهود أنا بصيرة البصائر أنا ذخيرة الذخاير أنا عصام العصمة أنا *
( هامش ) 1 - الارماس : القبور وطبا : دعا .
2 - المري : الذي يؤتدم به ( الصحاح : 2 / 814 ) .
حكمة الحكمة أنا صمصمام الجهاد أنا جلسة الآساد أنا زكي الوغاء ( 1 ) أنا قاتل من بغى أنا قرن الأقران أنا مذل الشجعان أنا فارس الفوارس أنا نفيس النفايس أنا ضيغم الغزوات أنا بريد المهمات أنا سؤال المسائل أنا أول الأسباط أنا نجحة الوسائل أنا جواز الصراط أنا صواب الخلاف أنا رجال الأعراف أنا صحيفة المؤمن أنا خيرة المهيمن أنا ممجد الأحساب أنا جدول الحساب أنا لواء الراكز أنا أمن المفاوز ( 2 ) أنا سميدع ( 3 ) البسالة أنا خليفة الرسالة أنا مرهوب الشذى أنا أسمل القذى أنا صفوة الصفا أنا كفو الوفاء أنا إرث الموارث أنا أنفث النافث أنا الإمام المبين أنا الدرع الحصين أنا موضح الحقيقة أنا حافظ الطريقة أنا واضع الشريعة أنا مظنة الوديعة أنا بشارة البشير أنا ابرعم النذير أنا الشفيع بالمحشر أنا الصادع بالحق أنا الباطن بالصدق أنا مبطل الأبطال أنا مذل الاقبال أنا الضارب بذي الفقار أنا النقم على الكفار أنا مخمد الفتن أنا مصدر المحن . فعندها صاح سويد بن نوفل الهلالي صيحة عظيمة وجلت منه القلوب واقشعرت منه الأجساد من نازلة نزلت به فهلك في وقته وساعته فأعقب ( عليه السلام ) في كلامه قال : حمدا مؤيدا وشكرا سرمدا لخالق الامم وبارئ النسم ، وجعل يكرر ذلك مرارا فقام إليه الفضلاء وأحدق به العلماء يقبلون مواطئ قدميه ويكررون القسم الأعظم عليه بإتمام كلامه الذي انتهى إليه ، فقال ( عليه السلام ) : معاشر المؤمنين أبمثلي يستهزئ المستهزئون أم علي يتعرض المتعرضون ؟ أيليق لعلي أن يتكلم بما لا يعلم أو يدعي ماليس له بحق ؟ وأيم الله لو شئت لما تركت عليها كافرا بالله ولا منافقا برسول الله ولا مكذبا بوصيه إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم والله مالا تعلمون ، قال : فقام إليه المقداد بن الأسود الكندي وقال : يامولاي أقسمت عليك بالهيكل العاصم وبنور أبي القاسم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ألا أتممت لنا باقي كلامك الذي انتهيت بنا إليه ، فقال ( عليه السلام ) : *
( هامش ) * 1 - الوغى : الحرب .
2 - المفاوز : المكان الوسيع الذي ليس قربها أنيس ( غريب الحديث : 2 / 202 ) .
3 - السميدع : السيد الموطأ الاكناف ( الصحاح : 3 / 1233 ) .
بعد حمد الله الجبار والصلاة على النبي المختار ما ( 1 ) أبت العطار قد سبق المضمار وجرت الأقدار ونفث القلم ووعدت الامم واستنشق الأدم وعصت الكظم وحكم الخالق ورشق الراشق ووقب الواقب الغاسق وبرق البارق وحققت الظنون وفتن المفتون المغبون وذهب المنون وشجت الشجون بما أن سيكون ، ألا إن في المقادير من القرن العاشر سيحبط علج بالزوراء من بني قنطور بأشرار وأي أشرار وكفار أي كفار وقد سلبت الرحمة من قلوبهم وكلفهم ( كفلهم ) الأمل إلى مطلوبهم فيقتلون الأيكة ويأسرون الأكمه ويذبحون الأبناء ويستحيون النساء ويطلبون شذاذ بني هاشم ليساقوا معهم في الغنائم وتستضعف فتنتهم الإسلام وتحرق نارهم الشام فآها لحلب بعد حصارهم وآها لخرابها بعد دمارهم وستروى الظباء من دمائهم أياما وتساق سباياهم فلا يجدون لهم عصاما ، ثم تسير منهم جبابرة مارقين وتحل البلاء بقرية فارقين وستهدم حصون الشامات وتطوف ببلادها الآفات فلا يسلم إلا دمشق ونواحيها ويراق الدماء بمشارقها وأعاليها ثم يدخلون بعلبك بالأمان وتحل البلايات البلية في نواحي لبنان فكم من قتيل يقطر الأغوار وكم من أسير ذليل من قرى الطومار فهنالك تسمح الأعوال وتصحب الأهوال فإذا لا تطول لهم أنا مفضال الفضيلة أنا طود الأطواد أنا جود الأجواد أنا عيبة العلم أنا آية المدة حتى تخلق من أمرهم الجدة فإذا أتاهم الحين الأوجر وثبت عليهم التعدد الأقطر ( 2 ) بجيشه الململم المكرر وهو رابع العلوج المستقر ( 3 ) المظفر ( 4 ) ونوايب القدر بجيش يلملمه الطمع ويلهبه فيسوقهم سوق الهيمان ويمكث شياطينهم بأرض كنعان ويقتل جيوشهم العفف ( 5 ) ويحل بجمعهم التلف فيتلايم منهم عقيب الشتات من ملك ( 6 ) النجاة إلى الفرات فيثيرون الواقعة الثانية ، إذ لا مناص وهي الفاصلة المهولة قبل المغاص فيعذبهم على الإسلام الكثرة فهنالك تحل بهم الكرة ( 7 ) فيقصدون الجزيرة والخصبا ويخربون بعد عودهم الحدباء ثم *
( هامش ) * 1 - في بعض النسخ : ابتر .
2 - في بعض النسخ : العقد والأفطر .
3 - في بعض النسخ : بكنية .
4 - في بعض النسخ : عليه كتابة المظفر بكنيته .
5 - العفف وقيل العفعف : ثمر الطلح . ( كتاب العين : 1 / 92 ) .
6 - في بعض النسخ : فلك .
7 - في بعض النسخ : الكسرة .
يظهر الجري الحالك ( 1 ) من البصرة في شرذمة من بني غمرة يقدمهم إلى الشام وهو مدحش فيتابعه على الخديعة الأرعش ثم يصحبه بالجيش العرمرم إلى عرصه ، فما أسرع ما يسلمه بعد فتنته فيروم الجري إلى العراق ليتبدل غليله من الإشراق فيهلكه الهلاك بالأنبار قبل مرامه ، ويغيض على أهلها السقام من فضول سقامه وستنظر العيون إلى الغلام الأسمر الدعاب حين تجنح به جنوح الارتياب ، يلقب بالحاكم ويسجن بالعلائم بعد إلفة العرب وإرسال حثيث الطلب مقارنة الدمار من بين صحاري الأنبار ، وكأني اشاهد الأرعش وقد قلده الأمر وأطال حجته ليلة الدهر بعد اختلاف أرباب الوعود وذلك خلف موافق المقصود وعلق علايق ناكثات ( 2 ) ليشوبها الكدر ويواتيها القدر ، فياشراه من بلية في برهته وزهو أمانيه بزهو نزهته ، فهنالك يوصمه عطاسه ويقحمه نعاسه ويشغله شدة رعافه وذلك عقيب الإتصالات الظواهر وآخر القرن العاشر إذ هام بنور قنطور كل الهيام وجمعهم في المرة الثالثة شهر الصيام فإذا قاتلهم أبو الشواص ( 3 ) وهو أبو الفوارس فظهر ما بينهم الخابس انتقل ملك الهند من بيت إلى بيت ، وقال البيت في حياته ألا ليت ، وقل أمر الدولة من ، وشملت أهل الجزورات الذلة ولعبت السيوف في سحروت وساحت الدماء في أقاليم صيصموت واختلفت على الملك الجيوش وصال عليهم بحوزة المشوس ( 4 ) ولجت النار الولجة واشتدت الحروب بين الذبحة ووافق الكمد الصعوبة وخربت طرق النوبة ولمس البرايد اللمس واختلف ملك أندلس ودهش العرب الداهش واقتتل أهل مراكش ووقعت الوقايع في القفحات وقام الحرب لهم على ساق وسارت الطلايع للسراف وعصفت بالسفن الرياح واشرعت بالجزاير الرماح فظهرت الزخارخ المدفية وهلك رب قسطنطنية وهدم سواحل الروم البزح وسال على الأفاطيس الترح واشتدت الفتن في خراسان وكان الظفر لآل حسان وافترق بنو قنطور على اختلاف وآل بهم الرجل إلى *
( هامش ) * 1 - في بعض النسخ : الحالكة شديدة السواد في المجمع .
2 - في بعض النسخ : باكيات .
3 - في بعض النسخ : أبو النوامس .
4 - المشوش : المنديل ، والمشاش رؤوس العظام ( تاج العروس : 4 / 350 ) .
المصاف ، امتحق في الزجف أكثرهم وانكشف الأنام مظهرهم وخسف المدينة بالخطا وخربت متاحر القيعان ( 1 ) الوسطى وأكثرت الزلازل بالشجرات وطالت بأقاليم الجاوة المشاجرات وظهر العلج بين الدسايس وتلاحم عليه القتال بأرض فارس وتلهب الضرام المشرق فالحذر كل الحذر من المشفق إذا ظهرت بخراسان الزلازل ونزلت بهمدان النوازل فرجفت الأراجف بالعراق وتاحم ( 2 ) الكفر عند العناق وشمل الشام الخلاف وحجب عن أهله الإنصاف وصال دحداح ( 3 ) السواحل على الثغور وضعف عن دحضه أهل الغرور واشتهر الكذب بمصر ووقع بين أهلها الكرب والهرب واختلف العساكر على العلج وكثر بينهما الشح وتمادت المبنيات بالحجاز وخيف على الحرم من المكذاد واختلف العساكر وأهل اليمن على الملك ونجا منهم اناس إلى الفلك وسار التلاطم والحرب وأزعج هجر العرب وتأجج كرب الجزائر وملأ نواحي البر ووقع الخلف ما بين عساكر الروم وشاع ما كان مكتوم وارتحل الأفاضل من العالم وولى الأسافل المظالم وغلب على الناس الفجور وملكتهم بقية الغرور وأثم باللص الآثم ونبذ بذنبهم العالم ومنع أصحاب الحقيقة الحقوق وأصاب لبعضهم البروق البروج ، قف إذا أقبل القرن الحادي عشر فإنا لله وإنا إليه راجعون عم البلاء وقل الرجاء ومنع الدعاء ونزل البلاء وعدم الدواء وضاق دين الإسلام وهلكه علج بالشام فإذا قام العلج الأصهب وعصر عليه القلب لم يلبث حتى يقتل ويطلب بدمه الأكحل فهنالك يرد الملك إلى الشرك ويقتل السابع من الترك وتفترق في البيداء الأعراب ويقطع المسالك والأسباب ويحجب القصر ويسعد العسر ويلج الهالع وتحل البليات بأرض بابل وتشتد وتفترش المحن ويكدر الصفاء ويدحض الخور وترجف من البؤس الأقاليم وتظلم بالشقاق الأظاليم ويملك الخير القهر وتنشر راية الشر ويشمل الناس البلاء ويحل الشام الغلاء وتكثر الوقايع في الآفاق ويقوم الحرب على ساق ويدعن لخرابها الأعمال وتأذن بعمارتها الجبال ، فيالها من قتلة ، وكوز ( 4 ) لأبي المكارم الحبيب المستغني ثم يقتل بالعمد *
( هامش ) * 1 - في بعض النسخ : العقيان .
2 - تاحم : ذبح .
3 - هو القصير من الرجال .
4 - الكوز حفيرة تحفر ( كتاب العين : 7 / 373 ) .
بسيف مولد أبي سند ثم خاتم الأربعين وهو عبد الله المكين فلم يلبث حتى يدرك بجيش يقدمه لشرك وفيه سعير فيقتله ويدمع الهارب فيعجله ويهدم الجوامع وأعلامها يكثكث ( 1 ) الزها وأعضائها ويستصغر الكباير ويبيد العشاير ويرفع الفاجر ويضع الأخيار ( 2 ) ويستعبد الممالك ويهلك السالك ويحتفل بالأراذل ونفد الأفاضل ويذهب العوارف ويحرق المصاحف ويشير الشقاق ويجالس الفساق فلن يجف الفضة ولن يصيب السفلة حتى يدركها فلبسه ابن حرب في ذلك العام حتى يثيب من السام ومعه جهينة بن وهب المتفرد بحماره المهدد بخروجه من جزيرة القشمير ومعه شياطين الغير فيقتل أحدهما سعيد ويستأثر ابنتها وليدة ثم يروم قصد الحجاز وقتل بيدهم بيوتات الأحراز ، فآها لكوفة وجامعها وآها لذوي الحقايق وآها للمستضعفين في المضايق ، وأين المقر عند ظهور العلج شلعين الميل الكالح الزيح بجيش لا يرام عبدهم ولا يحصى سبيلهم ولا يفدى ولا ينصر أسيرهم ومعهم الكركدن والفيل ويثبطون الظهور ويفزعون الثغور الجزيل ، ويسبحون ويكسحون السعيد وسيحبط ببلاد الأرم في أحد الأشهر الحرم أشد العذاب من بني حام فكم من دم يراق بأرض العلايم وأسير يساق من الغنايم حتى يقال أروى بمصر الفساد وافترست الضبع الآساد فيالله من تلك الآفات والتجلب بالبليات وأحصنت الربع المساحل حتى يصمم الساحل فهنالك يأمر العلج الكسكس ان يخرب بيت المقدس فإذا أذعن لأوامره وسار بمعسكره وأهال بهم الزمان بالرملة وشملهم الشمال بالذلة فيهلكون عن آخرهم هلعا فيدرك اسارهم طمعا ، فيالله من تلك الأيام وتواتر شر ذلك العام وهو العام المظلم المقهر ويستعكمك هوله في تسعة أشهر ، ألا وإنه ليمنع البر جانبه والبحر راكبه وينكر الأخ أخاه ويعق الولد أباه ويذممن النساء بعولتهن وتستحسن الامهات فجور بناتهن وتميل الفقهاء إلى الكذب وتميل العلماء إلى الريب فهنالك تنكشف الغطاء من الحجب وتطلع الشمس من الغرب هناك ينادي مناد من السماء ، اظهر يا ولي الله إلى الاحياء وسمعه أهل المشرق والمغرب فيظهر قائمنا المتغيب يتلألأ نوره يقدمه الروح الأمين وبيده الكتاب المستبين ثم *
( هامش ) * 1- الكثكث : دقاق الحصى والتراب ( النهاية : 4 / 153 )
2 - الآصار .
مواريث النبيين والشهداء الصالحين يقدمهم عيسى بن مريم فيبايعونه في البيت الحرام ويجمع الله له أصحاب مشورته فيتفقون على بيعته ، تأتيهم الملائكة ولواء الأطراف في ليلة واحدة وإن كانوا في مفارق الأطراف فيحول وجهه شطر المسجد الحرام ويبين للناس الامور العظام ويخبر عن الذات ويبرهن على الصفات ثم يولى بمكة جابر بن الأصلح ويقبله العوام بالأبطح فيرجع من العيلم ويقتل من المشركين في الحرم ثم يولي رماع بن مصعب ويقصد المسير نحو يثرب فيعقد لزعماء جيوشه رايته ويقلد أصفياء أصحابه مقاليد ولايته ويولي شبابة بن وافر والحسين بن ثميله وغيلان بن أحمد وسلامة بن زيد أعمال الحجاز وأرض نجد وهم من المدينة ، ويولي حبيب بن تغلب وعمارة بن قاسم وخليل بن أحمد وعبد الله بن نصر وجابر بن فلاح أقاليم اليمين والأكامل وهم من أعراب العراق ، ويولي محمد بن عاصم وجعفر بن مطلوب وحمزة بن صفوان وراشد بن عقيل ومسعود بن منصور وأحمد بن حسان أعمال البحرين وسواحلها وعمان وجزايرها وهم من جزايرهن ، ويولي راشد بن رشيد وحزيمة بن عوام وهلال بن همام وعبد الواحد بن يحيى وإسماعيل بن جعفر ويعقوب بن مشرف وغيلان بن الحسين وموسى بن وجزاير ( 1 ) الكراديس وهم من مشارق العراق ، ويولي أحمد بن سعيد وطاهر بن يحيى وإسماعيل بن جعفر ويعقوب بن مشرف وغيلان بن الحسين وموسى بن حارث حبشة وأقاليم المراقش وهم من الكوفة . ويولي إبراهيم بن أعطى والحسين بن علاب وأحمد بن موسى وموسى بن رميح ويميز بن صالح ويحيى بن غانم وسليمان بن قيس مصادر الجذلان وأعمال الدفولة وهم من أرض قوشان ، ويولي طالب بن العالي وعبد العزيز بن سهلب بن مرة وهشام بن خولان وعمرو بن شهاب وجيار بن أعين وصبيح بن مسلم أقاليم الأدنى وجزاير الكتايب وهم من نواحي شيراز ، ويولي أحمد بن سعدان ويوسف بن مغانم وعلي بن مفضل وزيد بن نصر والجراد بن أبي العلا وكريم بن ليث وحامد بن منصور أقاليم الحمير وجزاير الرسلات وهم من بلاد فارس ، ويولي العمار بن الحارث ومحمد بن عطاف وجمعة بن سعد وهلال بن داودتيه وعمر بن الأسعد جزاير مليبار وأعمال العماير وهم من غري العراق الأعلى ، ويولي الحسن *
( هامش ) * 1 - كذا بالأصل .
بن هشام والحسين بن غامر وعلي بن الرضوان وسماحة بن بهيج الأشام الأردنا وهم من مشارق لبنان ، ويولي الجيش بن أحمد ومحمد بن صالح وعزيز بن يحيى والفضل بن إسماعيل الشام الأقصى والسواحل من قرى الشام الأوسط ، ويولي محمد بن أبي الفضل وتميم بن حمزة والمرتضى ابن عماد وعلي بن طاهر وأحمد بن شعبان بأقاليم مصر ، وجزاير النوبة وهم من أرض مصر ويولي الحسن بن فاخر وفاضل بن حامد ومنصور بن خليل وحمزة بن حريم وعطاء الله بن حباة وواهب بن حيار ووهب بن نصر وجعفر بن وثاب ومحمد بن عيسى وتفور وسائط النوبة وأعمال الكردود وهم من بلاد حلوان . ويولي أحمد بن سلام وعيسى بن جميل وإبراهيم بن سلمان وعلي بن يوسف أعمال نواحي جابلقا وسواحلها وأعمال مفاوز ، وهم من الأزد ، ويولي وثاب بن حبيب وموسى بن نعمان وعباس بن محفوظ ومحمد بن حسان والحسين بن شعبان جزاير الأندلس وافريقية وهم من نواحي الموصل ، ويولي يحيى بن حامد وپنهان بن عبيد وعلي بن محمود وسلمان بن علي وأحمد بن سامر وعلي بن ترخان نواحي المراكش وثغور المصاعد ومروجة النخيل وهم من أرض خراسان ، ويولي داود بن المخير ويعيش بن أحمد وأبا طالب بن إسماعيل وإبراهيم بن سهل ديار بكر ومشارق الروم وهم [ من ] ( 1 ) نصيبيين وفارقين ، ويولي حمام بن جرير وشعبان بن قيس وسهل بن نافع وحمزة بن جعفر أقاليم الروم وسواحلها وهم من فارس ، ويولي علقمة بن إبراهيم وعمران بن شبيب والفتح بن معلى وسند بن المبارك وقايد بن الوفاء ومصفون بن عبد الله بن مفارق قسطنطينة وسواحل القفجاق وهم من اصفهان ، ويولي الأخوين محمد وأحمد بني ميمون العراق الأيمن وهما من المكين ، ويولي عروة بن مطلوب وإبراهيم بن معروف العراق الأيسر وهما من أهواز ، ويولي سعيد بن نضار ونزار بن سلمان ومعد بن كامل بلاد فارس وسواحل هرمز وهم من همدان ، ويولي عيسى بن عطاف والحسين بن فضال عراق سواحل الري والجبال وهما من قم ، ويولي نصير بن أحمد وعباس بن نفيل وطايع بن مسعود أعمال الموصل ومصادر الأرمن ومن قرى فرهان ، ويولي الأمجد بن عبد الله وأسامة بن أبي تراب ومحمد بن حامد وسفيان بن عمران والضحاك بن *
( هامش ) * 1 - زيادة يقتضيها السياق .
عبد الجبار والمنيع بن المكرم بلاد خراسان وأعمال النهرين وهم من مازندران ، ويولي المفيد بن أرقم وعون بن الضحاك ويحيى بن يرجم وإسماعيل بن ظلوم وعبد الرحمن بن محمد وكثار بن موسى جبال الكرخ وأقاليم العلان والروس وهم من بخارا ، ويولي عبد الله بن حاتم وبركة ابن الأصيل وأبو جعفر بن الزرارة وهارون بن سلطان وسامر بن معلى المالق ونواحي چين والصحاري وهم من مرو ، ويولي رهبان بن صالح وعمارة بن حازم وعطاف بن صفوان والبطال بن حمدون وعبد الرزاق بن عيشام وحامد بن عبادة ويوسف بن داود والعباس بن أبي الحسن أقاليم الديلم والقماقم وثغور القشاقش والغيلان وهم من سمرقند ، ويولي مطاع بن حابس ومحمود بن قدامة وعلي بن قنين وضيف بن إسماعيل والفصيح بن غيث بن النفيس وماجد بن حبيب والفضل بن ظهر وغياث بن كامل وعلي بن زيد مداين الخطا وجبال الزوابق وأعمال الشجارات وهم من قم ، ويولي يعقوب بن حمزة ومحمد بن مسلم وثابت بن عبد العزيز والحسين بن موهوب وأحمد بن جعفر وأبا إسحاق بن نضيع مغاليق الضوب وقرى القواريق وهم من نيشابور ويولي الحسن بن العباس ومريد بن قحطان ومعلى بن إبراهيم وسلامة بن داود ومفرج بن مسلم ومعد بن كامل بلاد الكلب ونواحي الظلمات وهم من القرى ، ويولي فضيل بن أحمد وفارس بن أبي الخير وأسد بن مراحات وباقي بن رشيد ورضى بن فهد وعباس بن الحسين والقاسم بن أبي المحسن والحسين بن عتيق السدور وحيالها وهم من نواحي خوارزم ، ويولي فضلان بن عقيل وعبد الله بن غياث وبشار بن حبيب وسعد الله بن واثق وفصيح بن أبي عفيف والمرقد بن مرزوق وسالم بن أبي الفتح وعيسى بن المثنى أقاليم الضحاضح ومناخر القيعان وهم من قلعة النهر ، ويولي الزاهد بن يونس وعصام بن أبي الفتح وعبد الكريم بن هلال ومؤيد بن القاسم وموسى بن معصوم والمبارك بن سعيد وعزوان بن شفيع وعلامة بن جواد أقاليم الغربين وأعمال العراعز وهم من الجبل ، ويولي محمد بن قوام وجعفر بن عبد الحميد وعلي بن ثابت وعطاء الله بن أحمد وعبد الله بن هشام وإبراهيم بن شريف وناصر بن سليمان ويحيى بن داود وعلي بن أبي الحسين أقاليم المعابد وجبال الملابس وهم من قرى العجم ويختار الأكابر من السادات الأعمال العارفين لإقامة الدعائم منهم اثني عشر رجلا وهم محمد بن أبي الفضل وعلي بن أبي غابر والحسين بن علي وداود بن المرتضى وإسماعيل بن حنيفة ويوسف بن حمزة وعقيل بن حمزة وعقيل بن علي وزيد بن علي وجابر بن المصاعد ويوليهم جابر ساو إقليم المشرق ويأمرهم بإقامة الحدود ومراعاة العهود ، ثم يختار رجالا كراما أحرارا أتقياء أبرارا وهم معصوم بن علي وطالب بن محمد وإدريس بن عبيد وإبراهيم بن مسلم وحمزة بن تمام وعلي بن الحسين ونزار بن حسن والأشرف بن قاسم ومنصور بن تقي وعبد الكريم بن فاضل وإسحاق بن المؤيد وثواب بن أحمد ويوليهم جابر قاو بلاد المغرب يأمرهم بما أمر به أصحابهم ، ثم يختار اثني عشر رجلا وهم طاهر بن أبي الفرو وابن الكامل ولوي بن حرث ومحمد بن ماجد ورضي بن إسماعيل وظهير بن أبي الفجر وأحمد بن الفضل والركن بن الحسين ويوليهم الشمال وأعمال الروم ويأمرهم بما أمر به من يقدمهم من الصديقين ، ثم يختار اثني عشر رجلا نقيا من العيوب وهم إسماعيل بن إبراهيم ومحمد بن أبي القاسم ويوسف بن يعقوب وفيروز بن موسى والحسين بن محمد وعلي بن أبي طالب وعقيل بن منصور وعبد القادر بن حبيب وسعد الله سعيد وسليمان بن مرزوق وعبد الرحمن بن عبد المنذر ومحمد بن عبد الكريم ويوليهم جهة الجنوب وأقاليمها ويأمرهم بما أمر به من يقدمهم ، ثم بعد ذلك يقيم الرايات ويظهر المعجزات ويسير نحو الكوفة وينزل على سرير النبي سليمان ويحلق الطير على رأسه ويتختم بخاتمه الأعظم فيه وبيمينه عصا موسى وجليسه روح الأمين ، وعيسى بن مريم ، متشحا ببرد النبي متقلدا بذي الفقار ووجهه كدائرة القمر في ليالي كماله ، يخرج من بين ثناياه نور كالبرق الساطع ، على رأسه تاج من نور راكب على أسد من نور ، إن يقل للشئ كن فيكون بقدرة الله تعالى ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويميت الأحياء وتسفر الأرض له عن كنوزها ، حوى حكمة آدم ووفاء إبراهيم وحسن يوسف وملاحة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وجبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله وإسرافيل من ورائه والغمام من فوق رأسه والنصر من بين يديه والعدل تحت أقدامه ويظهر للناس كتابا جديدا وهو على الكافرين صعب شديد يدعو الناس إلى أمر من أقر به هدي ومن أنكره غوى ، فالويل كل الويل لمن أنكره رؤوف بالمؤمنين شديد الانتقام على الكافرين ويستدعي إلى بين يديه كبار اليهود وأحبارهم ورؤساء دين النصارى وعلماءهم ويحضر التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ويجادلهم على كل كتاب بمفرده يطلت منهم تأويله ويعرفهم تبديله ويحكم بينهم كما أمر الله ورسوله ثم يرجع بعد ذلك إلى هذه الامة شديدة الخلاف قليلة الايتلاف وسيدعي إليه من ساير البلاد الذين ظنوا أنهم من علماء الدين وفقهاء اليقين والحكماء والمنجمين والمتفلسفين والأطباء الضالين والشيعة المذعنين فيحكم بينهم بالحق فيما كانوا فيه يختلفون ويتلو عليهم بعد إقامة العدل بين الأنام وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، يتضح للناس الحق وينجلي الصدق وينكشف المستور ويحصل ما في الصدور ويعلم الدار والمصير ويظهر الحكمة الإلهية بعد إخفائها ويشرق شريعة المختار بعد ظلمائها ويظهر تأويل التنزيل كما أراد الأزل القديم ، يهدي إلى صراط مستقيم وتكشف الغطاء عن أعين الأثماء ويشيد القياس ويخمد نار الخناس ( 1 ) ويقرض الدولة الباطلة ويعطل العاطل ويفرق بين المفضول والفاضل ويعرف للناس المقتول والقاتل ويترحم عن الذبيح ويصح الصحيح ويتكلم عن المسموم وينبه الندم ويظهر إليه المصون ويفتضح الخؤون وينتقم من أهل الفتوى في الدين لما لا يعلمون فتعسا لهم ولأتباعهم أكان الدين ناقصا فتمموه أم كان به عوج فقوموه أم الناس هموا بالخلاف فأطاعوه أم أمرهم بالصواب فعصوه أم وهم المختار فيما أوحي إليه فذكروه أم الدين لم يكمل على عهده فكملوه وتمموه أم جاء نبي بعده فاتبعوه أم القوم كانوا صوامت على عهده ، فلما قضى نحبه قاموا تصاغروا بما كان عندهم فهيهات وأيم الله لم يبق أمر مبهم ولا مفصل إلا أوضحه وبينه حتى لا تكون فتنة للذين آمنوا إنما يتذكر أولوا الألباب . فكم من ولي جحدوه وكم وصي ضيعوه وحق أنكروه ومؤمن شردوه وكم من حديث باطل عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته نقلوه وكم من قبيح منا جوزوه وخبر عن رأيهم تأولوه وكم من آية ومعجزة أجراها الله تعالى عن يده أنكروها وصدوا عن سماعها ووضعوها ، وسنقف ويقفون ونسأل ويسألون وسيعلم الذين كفروا أي منقلب ينقلبون . طلبت بدم عثمان وظنوا أني منهم الآن حاربتني عائشة ومعاوية وكأني بعد قليل وهم يقولون : القاتل والمقتول في جنة عالية ونسوا ما قال الله تعالى :
وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين والأنف *
( هامش ) * 1 - الخناس اسم الشيطان ( مجمع البحرين : 1 / 760 ) والخناس داء يصيب الزرع ( تاج العروس : 4 / 143 ) .
بالأنف والاذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) * ( 1 ) وقوله تعالى : * ( من قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ) * ( 2 ) وكأني بعد قليل ينقلون عني أنني بايعت أبا بكر في خلافته فقد قالوا بهتانا عظيما ، فيالله العجب وكل العجب من قوم يزعمون أن ابن أبي طالب يطلب ما ليس له بحق ويمنى ويتداول الأمر جزعا ويتابعهم هلعا ، وأيم الله إن عليا لآنس بالموت من سنة الكرى ، بل عند الصباح تحمد القوم السرى ، ألا إن في قائمنا أهل البيت كفاية للمستبصرين وعبرة للمعتبرين ومحنة للمتكبرين لقوله تعالى : * ( وانذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) * ( 3 ) هو ظهور قائمنا المغيب لأنه عذاب على الكافرين وشفاء ورحمة للمؤمنين ، يظهر وله من العمر أربعون عاما فيمكث في قومه ثمانين سنة وقيل لهم سلاما وصلى الله على محمد وآله أجمعين
( هامش ) * 1 –سورة المائدة : 45
2 –سورة النساء : 93
3 –سورة إبراهيم : 44
(إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب للشيخ علي اليزدي الحائري ج : 2 ص : 184-201 / الخطب النادرة لأمير المؤمنين لعبد الرسول زين الدين ص: 134-139)
خطبة البيان لأمير المؤمنين علي عليه السلام (الوجه الثالث)
عن الدر المنظم في السر الأعظم لمحمد بن طلحة الشافعي وهو من أكابر علماء أهل السنة وقد ثبت عند علماء الطريقة ومشايخ الحقيقة بالنقل الصحيح والكشف الصريح أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال على المنبر بالكوفة وهو يخطب : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها ، وساطح المدحيات ووازرها ( 1 ) وموطد الجبال وقافرها ( 2 ) ومفجر العيون ونافرها ( 3 ) ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزين السماء وزاهرها ومدبر الأفلاك ومسيرها ومقسم المنازل ومقدرها ومنشئ السحاب ومسخرها ( 4 ) مولج الحنادس ومنورها ومحدث الأجسام ومقررها ومكور الدهور ومكدرها ومورد الامور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبرها ومحيي الرفات وناشرها ، أحمده على آلائه وتكاثرها وأشكره على نعمائه وتواترها ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تؤدي إلى السلامة ذاكرها وتؤمن من العذاب ذاخرها وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها أرسله إلى امة قد شفر ( 5 ) بعبادة الأوثان شاعرها واغلنطس بضلالة عبادة الأصنام ماهرها ويفحم بحجج عن الجهالة سادرها وفجر نعماء الشبهات فجور فاجرها وهدى على لسان الشيطان بقبول العصيان طايرها وقسم آكام الأحكام بزخرف الشقاشق ماكرها فأبلغ في النصيحة ووافرها وغاض لجج بحار الضلال وعامرها وأنار منار أعلام الهداية ومنابرها ومحق بمعجزات القرآن دعوة الشيطان ومكاثرها وأرغم معاطس الغواة وكافرها حتى أصبحت دعوته بالحق بأول ظاهر يرها ، ومجيبه بقبول الصدق شاعرها بنطق ناصرها وشريعته المطهرة إلى المعاد بمفخر فاخرها صلى الله عليه وآله وسلم له الدرجة العليا وطيب عناصرها . أيها الناس سار المثل وحقق العمل وأقدم الوجل واقترب الأجل وصمت الناطق وبصق الزاهق وحقت الحقايق والتحق اللاحق وثقلت الظهور وتفاقمت الامور وحجب السرور وأحجم المغرور وأرغم المالك ومنعت المسالك وسلك الحالك وهلك الهالك وعمر الفرات وكثرت الحسرات وأكدت الغمرات وكفت العثرات وقصر الأمد وتأود الأود ودهش العدد وأوحش المقند وهيجت الوساوس ودهشت الهواجس وعطل العساعس وخدل المنافس ( 6) ولجت الأمواج ( 7) وخيف الفجاج وضعفت الحجاج واطرح المنهاج واشتد الغرام واتحف الأوام ودلف القتام وازدلف الخصام واختلف العرب واشتد الطلب وصحب الوصب ونكض الهرب وطلبت الديون وبكت العيون وفتن المفتون وسكت المغبون وشاط الشطاط وشط النشاط وهاط الهياط ومط القلاط وعجز المطاع وصلت الدفاع واظلم الشعاع وصمت الأسماع وذهب العفاف ورغب الخلاف وسمج الإنصاف واخرج العفاف واستحوذ الشيطان وعظم العصيان وتسلمت الخصيان وحكمت النسوان وقدحت الحوادث ونفث النافث وعبث العابث واهجم الرايث وهدت الأحراز وخافت الأعجاز وظهر الإيجاز وبهر الرجاز واختلفت الأهواء وعظمت البلوى واشتدت الشكوى واستمرت الدعوى وقرض القارض ورفض الرافض وقعد الناهض وسعد الفارض ولحظ اللاحظ ولمظ اللامظ وعض الشاظظ ورد الفاظظ وتلاحم الشذاذ وثقل الإلحاذ وعز النفاذ ووبل الرذاذ وعجت الفلاة ونجت المقلاة وشنشنت الفلاة وعجعجت الولاة وتضاءل الباذخ ووهم الناسخ وتجهرم الشالخ ونفخ النافخ وزلزت الأرض وضيعت الفرض وحكم الرفض ونجم القرض وكتمت الأمانة وبدت الخيانة وخبثت الصيانة وعرت الدهانة واتحد العيص وزاغ القبيص وكرثم القميص وكثكث المحيص وقام الأدعياء ونال الأشقياء وتقدمت السفهاء وتأخرت الصلحاء ومادت الجبال وأشكل الإشكال وسبع الهكال وشعشع الوبال وساهم الشحيح وانغر الفصيح وقهقر الجريح واخرنطم الفحيح وكفكف اليروع وخدخد البلوع ونصف المرتوع وتكتك المولوع وفدفد الموعور وقدقد الديجور وافرد المأثور ونكب الماتور ( 8) وعبس الغبوس وكسكس الهموس ونافس المعكوس واجلب الناموس ودعدع الشفيق وحرثم ( 9) الأنيق واحتجب الطريق وثور الفريق ودار الرايد وزاد الزايد وماد المائد وقاد القايد وجد الجد وكد الكد وسد السد [ وحد الحد ] وعرض العارض وفرض الفارض وسار الرابض ووقف الراكض وضال الضل وغال الغل وفضل الفضل ونال المثل وشت الشتات وتصوح النبات وسمت السمات واخرت الديات وكد الهرم وقصم الوصم وسلب الوهم وسدم الندم وآب الذاهب وذاب الذائب ونجم الثاقب ووصب الواصب وازور القران واحمر الدبران وسدس السرطان وربع الزبرقان وثلث الحمل وساهم الزحل وتنبه الثول وعنقبت النيل وأقل الفرار ونصبت الجفار ومنع الوجار وآب الاقرار وكملت الفترة وبدئت الهجرة وغرت الكثرة وغمرت الغمرة وظهرت الأفاطس فحسمت الملابس يؤمهم الكساكس ويقدمهم العبابس فيكدحون الجزائر ويقدحون العشاير ويملكون السراير ويهتكون الحراير ويحيون كيسان ويخربون خراسان ويفرقون الجلسان ويلجون الأويسان ( 10) فيهدون الحصون ويظهرون المصون ويعيضون الغصون ويفردون الحصون ويفتحون العراق ويهجمون الشقاق ويثيرون النفاق بدم يهراق ، فآه ثم آه آه لعريض الأفواه ودبول الشفاه ، ثم التفت يمينا وشمالا وتنفس الصعداء إملالا وتأوه أنينا وتأفف حزينا وتململ دنفا وتوجل أسفا وتنفس خشوعا وتغير خضوعا ، فقام إليه سويد بن نوفل الهلالي فقال : يا أمير المؤمنين أنت حاضر ما ذكرت وعالم به وبتأويل ما أخبرت ، فالتفت إليه عن كثب ورمقه بعين الغضب ، ثم قال له : ثكلتك الثواكل ونزلت بك النوازل يابن الجبان الجابث والمكذب الناكث سيقصر بك الطول ويغلبك الغول ، أنا سر الأسرار أنا شجرة الأنوار أنا دليل السماوات أنا رئيس المسبحات أنا خليل جبرئيل أنا صفي ميكائيل أنا قايد الأملاك أنا سمندل الأفلاك أنا سايق الرعد أنا شاهد العهد أنا سليل الصراح أنا حفيظ الألواح أنا قطب الديجور أنا البيت المعمور أنا زاجر القواصف أنا محرك العواصف أنا مزن السحائب أنا نور الغياهب أنا شرف الدواير أنا مآثر المآثر أنا كيوان الكيهان أنا شان الإمتحان أنا شهاب الإحراق أنا مواثق الميثاق أنا عصام الشواهد أنا سهام الفراقد أنا شعاع العساعس أنا جون الشوامس أنا فلك اللجج أنا حجة الحجج أنا مهيمن الامم أنا فصيل الذمم أنا سماك البهو أنا إمام العفو أنا سبب الأسباب أنا أمين السحاب أنا مسدد الخلايق أنا محقق الحقايق أنا جوهر القدم أنا مرتب الحكم أنا منية الأمل أنا عامل العمل أنا شريف الذات أنا محدث الشتات أنا الأول والآخر أنا الباطن والظاهر أنا البرق اللموع أنا السقف المرفوع أنا الشعرى والزبرقان أنا قمر السرطان أنا أسد النثرة أنا سعد الزهرة أنا مشتري الكواكب أنا زحل الثواقب أنا غفر الشرطين أنا ميزان البطين أنا حمل الإكليل أنا عطارد التفضيل أنا قوس العراك أنا فرقد السماك أنا مريخ القران أنا عيون الميزان أنا حارس الاستراق أنا جناح البراق أنا جامع الآيات أنا سريرة الخفيات أنا ساجر البحر أنا قسطاط القطر أنا مصاحب الجديدين أنا أمير النيرين أنا محط القصاص أنا خلاصة الاخلاص أنا شملال الجبال أنا مقدم الآمال أنا مفجر الأنهار أنا معذب الثمار أنا مفيض الفرات أنا معرب التوراة أنا ملك بن ملك أنا هدية الملك أنا مبين الصحف أنا يافث الكثف أنا ثاقب الكسف أنا ذخيرة الشكور أنا مفصح الزبور أنا مؤول التأويل أنا مفسر الإنجيل أنا ام الكتاب أنا فصل الخطاب أنا صراط الحمد أنا أساس المجد أنا منجد البررة أنا سورة البقرة أنا مثقل الميزان أنا صفوة آل عمران أنا علم الأعلام أنا جملة الأنعام أنا تبيان النساء أنا خامس أهل الكساء أنا إلفة الإيلاف أنا رجال الأعراف أنا محجة المقال أنا صاحب الأنفال أنا مائدة الكشف أنا توبة العنف أنا صادق المثل أنا راسخ الجبل أنا سر إبراهيم أنا ثعبان الكليم أنا علانية المعبود أنا آصف هود أنا نحلة الجليل أنا خلة الخليل أنا مبعوث بني إسرائيل أنا مخاطب الكهف أنا محبوب الصف أنا ولي الأولياء أنا وارث الأنبياء أنا لاهج النهج أنا حجة الحجج أنا موصوف المؤمنين أنا بدر المسبحين أنا الفرقان أنا البرهان أنا عقود الكرمين أنا عماد الركن أنا ثبير الترك أنا شملاص الشرك أنا جنبنتا ( 11) الزنج أنا جرجس الفرنج أنا عقد الإيمان أنا زبركم الغيلان أنا برسم الروس أنا لوش السدوس أنا سلمه المطا أنا دودين الخطا أنا بدر البروج أنا شنشار الكروج أنا حاتم الأعاجم أنا روثيان التراجم أنا أوريا الزبور أنا حجاب الغفور أنا صفوة الجليل أنا إيليا الإنجيل أنا خبة القراة أنا كاسي العراة أنا مواخي يوشع وموسى أنا ميمون وصي عيسى أنا زرملاح الفرس أنا عماد الأنس أنا شديد القوى أنا حامل اللواء أنا إمام المحشر أنا ساقي الكوثر أنا قسيم الجنان أنا مساطير النيران أنا يعسوب الدين أنا إمام المتقين أنا وارث المختار أنا ظهير الأطهار أنا مبيد الكفرة أنا أبو الأئمة البررة أنا قالع الباب أنا مفرق الأحزاب أنا صاحب البيعتين أنا الضارب ببدر وحنين أنا حافظ الكلمات أنا مخاطب الأموات أنا مكلم الثعبان أنا آلاء الرحمن أنا الضارب بالسيفين أنا الطاعن بالرمحين أنا ليث الرخام أنا أنيس الهوام أنا الجوهرة الثمينة أنا باب المدينة أنا وارث العلوم أنا هيولى النجوم أنا مفسر البينات أنا مبين المشكلات أنا أول المصدقين أنا إمام المفسرين أنا محكم الطواسين أنا أمانة يس أنا حاء الحواميم أنا الم أنا سابق الزمر أنا آية القمر أنا صاحب النجم أنا صدر الترجم ( 12) أنا جانب الطور أنا باطن الصور أنا عتيد قاف أنا وزاغ الاحقاف أنا منازل الصافيات أنا سهام الذاريات أنا فاطر النافعة أنا متلو سبأ والواقعة أنا أمانة الأحزاب أنا مكنون الحجاب أنا وعد الوعيد أنا مثال الحديد أنا وفاق الآفاق أنا علامة الطلاق أنا ن والقلم أنا مصباح الظلم أنا سؤال متى أنا ممدوح هل أتى (13 ) أنا النبأ العظيم أنا الصراط المستقيم أنا زمام الطول أنا محكم الفضل أنا عذوبة القطر أنا هلال الشهر أنا لؤلؤ الأصداف أنا جبل قاف أنا سر الحروف أنا نور الظروف أنا الجبل الشامخ أنا الجبل الراسخ أنا مفتاح الغيوب أنا مصباح القلوب أنا نور الأرواح أنا روح الأشباح أنا الفارس الكرار أنا نصرة الأنصار أنا السيف المسلول أنا الشهيد المقتول أنا جامع القرآن أنا تبيان البيان أنا شقيق الرسول أنا بعل البتول أنا عمود الإسلام أنا مكسر الأصنام أنا صاحب الأذن أنا قاتل الجن أنا
ساقي العطاش أنا نايم الفراش أنا شيث البراهمة أنا سعد العياقمة أنا موهن البطارق أنا كون المفارق أنا بطرس الروم أنا سيدس الاشموم أنا حقيق الأرمن أنا أمين المأمن أنا صالح المؤمنين أنا إمام المفلحين أنا إمام أرباب الفتوة أنا كنز أسرار النبوة أنا المطلع على أخبار الأولين أنا المخبر عن وقايع الآخرين أنا حامل الراية أنا صاحب الآية أنا قطب الأقطاب أنا حبيب الأحباب أنا مهدي الأوان أنا عيسى الزمان أنا والله وجه الله أنا والله أسد الله أنا سيد العرب أنا كاشف الكرب أنا الذي قيل في حقه لا فتى إلا علي أنا الذي قيل في شأنه أنت مني بمنزلة هارون من موسى من النبي أنا ليث بني غالب أنا علي بن أبي طالب ، صلوات الله وسلامه عليه.
قال : فصاح السائل صيحة عظيمة وخر ميتا فعقب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) علي كرم الله وجهه بأن قال : الحمد لله بارئ النسم وذارئ الامم والصلاة على الاسم الأعظم والنور الأقوم ثم قال : سلوني عن طرق السماء فإني أعلم بها من طرق الأرض سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين جنبي علوما كثيرة كالبحار الزواخر فنهض إليه الرسخة من العلماء والمهرة من الحكماء وأحدق به الكمل من الأولياء والندر من الأصفياء يقبلون مواطئ قدميه ويقسمون بالاسم الأعظم عليه بأن يتمم كلامه ويكمل نظامه فقال عز الراسخين ونور العارفين الإمام الهمام الغالب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، أبتر المضمار وجرت الأقدار ونفث القلم ووعدت الامم وحكم الخالق ورشق الراشق وحققت الظنون وفتن المفتون بما أن سيكون ، ألا وإنه سيحبط بالزوراء علج من بني قنطور بأشرار وأي أشرار وكفار وأي كفار قد سلبت الرحمة من قلوبهم وكلفهم الأمل إلى مطلوبهم فيقتلون الأيلة ويشربون الأكمه ويذبحون الأبناء ويستحلون النساء ويطلبون بني شداد وبني هاشم ليسوق ( 14) معهم سوق الغنائم وتستضعف فتنتهم الإسلام وتحرق نارهم الشام ، فواها لحلب من حصارهم وواها لخرابها بعد ديارهم وسترد الظلباء ( 15) من دمائهم أياما وتساق سباياهم فلن يجدوا لهن عصاما وسيهدون حصون الشامات ويطيفون ببلادها الآفات فلم يبق إلا دمشق ونواحيها وتراق الدماء بمشارقها وأعاليها ثم يدخلونها وبعلبك بالأمان وتحل البدايات بنواحي لبنان ، فكم من قتيل بالقفر وأسير بجانب النهر فهناك تسمع الأعوال وتصحب الأهوال فإذا لا تطول لهم المدة حتى يخلق من أمرهم الجدة فإذا هزمهم الجنين الأوجر وثب عليهم التعدد الأقطر وهو رابع العلوج المنفر عليه كتابة المظفر تحس بالهمة الطمع ويغلقه المبلغ فيسوقهم سوق الهجان وينكص شياطينهم بأرض كنعان ويقتل عبوسهم الفقف ويحل بجميعهم العلف فيجتمعون عقيب الشتات من فلك النجاة إلى الفرات فيسيرون الواقعة إذ لا مناص وهي الفاصلة المهولة قبل العاص فيغويهم على الإسلام الكثرة فهنالك يحل لهم الكسرة فيقصدون الجزيرة والخصباء ويخربون بعد فتكهم الجدباء ثم يظهر الجري الهالك من البصرة بشرذمة عرب من بني عمرة يقدمهم إلى الشام وهو مدهش فيبايعه على الخديعة الأرعش وسيصحبه في المسير إلى غوطته فما أسرع ما يسلمه بعد ورطته ثم يأمر المجري أن يروم إلى العراق مراما ليبل من علته بها أواما فيدركه الهلاك بلا سار دون مرامه ويحل بأهله التلف دون سقامه وستنظر العيون إلى الغلاب الأسمر اللعاب حين يجنح به جنوح الارتياب يلقب بالحكم سيجئ بالعلم بعد ألفة العرب وحثيث الطلب ، فكأني أنظر إلى الأرعش وقد هلك وولده الحدث الأبرص وقد ملك فلا تطول مدته ( 16) أكثر من ساعة فما هذه الشناعة ويقتل مدرب الجميل الأحمر بعد أن يسجن الأسمر عند وصول رسل المغاربة إليه ومثولهم بين يديه ثم يخرج الهمام فيصلي بالناس إمام ثم يقتل بعد برهة من الزمان بين الخدام والخلان فعندها يخرج من المغرب أناس على شهب الخيول بالمزامير والأعلام والطبول فيملكون البلاد ويقتلون العباد ، ثم يخرج من السجن غلام يفني عددهم ويأسر حددهم ويهزمهم إلى البيت المقدس ويرجع منصورا مريدا محبورا ، فيوافي مصر وقد نقص نيلها وقل نيلها ويبست أشجارها وعدمت ثمارها فيظهر عند ذلك صاحب الراية المحمدية والدولة الأحمدية القائم بالسيف الحال الصادق في المقال يمهد الأرض ويحيي السنة والفرض سيكون ذلك بعد ألف ومائة وأربع وثمانين سنة من سني الفترة بعد الهجرة ، ثم قال : أيها المحجوب عن شأني والغافل عن حالي إن للعجائب آثار خواطري والغرائب أسرار ضمايري لأني قد خرقت الحجاب وأظهرت العجاب وأتيت باللباب ونطقت بالصواب وفتحت خزاين الغيوب وفتقت دفائن القلوب وكثرت لطايف المعارف ودمرت عوارف اللطايف فطوبى لمن استمسك بعروة هذا الكلام وصلى خلف هذا الإمام ، فإنه يقف على معاني الكتاب المسطور والرق المنشور ثم يدخل إلى البيت المعمور والبحر المسجور ثم أنشد شعرا :
لقد حزت علم الأولين وإنني * ضنين بعلم الآخرين كتوم
وكاشف أسرار الغيوب بأسرها * وعندي حديث حادث وقديم
وإني لقيوم على كل قيم * محيط بكل العالمين عليم
ثم قال : لو شئت لأوقرت من تفسير فاتحة الكتاب سبعين بعيرا ( ق والقرآن المجيد ) ( 17) كلمات خفيات الأسرار وعبارات جليات الآثار وينابيع عوارف القلوب من مشكاة لطايف الغيوب ، لمحات العواقب كالنجوم الثواقب ، نهاية الفهوم بداية العلوم ، الحكمة ضالة كل حكيم ، سبحان القديم ، يفتح الكتاب ويقرأ الجواب . يا أبا العباس أنت إمام الناس ، سبحان من يحيي الأرض بعد موتها وترد الولايات إلى بيوتها . يا منصور تقدم إلى بناء الصور ذلك تقدير العزيز العليم . هذا آخر ما سمع من لفظه النوراني وضبط من كلامه الروحاني في هذا الباب والصلاة على قطب الأقطاب ورسول الملك الوهاب وعلى آله المنتجبين الأطياب ما أشرقت شموس الغيوب من غياهب القلوب
( هامش ) * 1 - وزره : طعنه ، والزر : العض ( كتاب العين : 7 / 347 ) .
2 - القفر الخالي من الامكنة ( كتاب العين : 5 / 151 ) .
3 - نافرها نازعها .
4 - في بعض النسخ : ومدلج .
5 - الشفر : الحرف ( كتاب العين : 6 / 253 ) .
6- في بعض النسخ : ومجت .
7- في بعض النسخ : وخيفت العجاج .
8- في بعض النسخ : الموتور .
9- في بعض النسخ : جرسم .
10- في بعض النسخ : فيهدمون .
11- في بعض النسخ : اجيثاء .
12- في بعض النسخ : رصد الرحم .
13- سورة الانسان: 1
14- في بعض النسخ : ليساقوا .
15- في بعض النسخ : وستروى الظباء .
16- في بعض النسخ : مدة ملكه .
17– سورة ق : 1
(إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب للشيخ علي اليزدي الحائري ج 2 ، ص 202-209 / الخطب النادرة لأمير المؤمنين لعبد الرسول زين الدين ص: 140-148 ط 1، مؤسسة البلاغ لبنان – بيروت / الدر المنظم في السر الأعظم لمحمد بن طلحة الشافعي مخطوط / )
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
-
حديث الجمعة 16 / ذي ال حجة /1422هـ - 1/3/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) المنامة الحمد لله رب العالمين...
-
حديث الجمعة 02/11/2001م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) - المنامة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ال...